تعمل الجالية العربية والاسلامية في فرنسا بجد لمقاضاة الكاتب ميشال هويلبيك بسبب البذاءات التي تضمنتها روايته الأخيرة "بلاتفورم" منصة ضد الاسلام والعرب. ونبه أحد مسؤولي الجالية ان اللجوء الى القضاء ضروري لتدارك أي استغلال مغاير يحوّل هويلبيك الى سلمان رشدي آخر. والمطلوب من القضاء حكم بسحب الكتاب من التداول كونه "يحمل تحريضاً على الحقد العنصري"، والتعويض عن الاساءات التي خرجت من اطار "الابداع" الأدبي ليكرسها الكاتب في تصريحات صحافية تعبر عن آرائه. كان لا بد للعنصرية الوقحة والعداء الفج لكل ما هو عربي ومسلم، كما عبر عنه هذا الكاتب، من ان يثير شعوراً بالسخط والاستياء في أوساط الجالية العربية والمسلمة في فرنسا، التي تحرك عدد من منظماتها لملاحقته قضائياً. فالمعروف عن هويلبيك الذي كان يعمل موظفاً في الجمعية الوطنية الفرنسية البرلمان واكتسب صفة الكاتب بعد اصداره أول رواية له سنة 1998، انه يهوى الاستفزاز وتحطيم المحاذير. لكن ممارسته لهوايته جاءت هذه المرة سهلة ورخيصة وشديدة الابتذال، فأفرط بعبثيته لمجرد لفت الانتباه اليه والدعاية لكتابه الجديد، وتطاول بشكل رخيص على كل ما يتصل بالعرب والاسلام. كتب هويلبيك في روايته الصادرة عن دار "فلاماريون" المعروفة، مقاطع مقيتة، منها مثلاً كلام ساقه على لسان بطل روايته ويقول فيه "لقد دمر الاسلام حياتي، والاسلام هو بالتأكيد من الأمور التي يمكنني ان أكرهها، فبدأت اعوّد نفسي على الشعور بالكره تجاه المسلمين، ونجحت في ذلك". ويضيف أيضاً على لسان بطل روايته الذي كان يتابع الأحداث الدولية "كلما علمت ان ارهابياً فلسطينياً أو طفلاً فلسطينياً أو امرأة فلسطينية حاملاً، قتلوا في قطاع غزة، كنت أشعر بدفعة من الحماسة لمجرد تفكيري بأن أحد المسلمين قد غاب عن وجه الأرض". وأورد على لسان شخصيات روايته كلاماً آخر على هذا النمط العنصري، بما في ذلك مقارنة سخيفة بين القرآن الكريم والتوراة. فهل ان الموقع الذي بات يحتله هويلبيك بصفته أحد كبار كتاب فرنسا المعاصرين، وباعتباره ممثلاً ل"تيار فكري" جديد، يخوله اهانة الآخرين والمساس بمشاعرهم بلا مساءلة؟ الجواب على لسان بعض النقاد الفرنسيين الذين واجهوا احراجاً في التعامل مع مضمون كتابه، هو: لا طبعاً. والجواب هو لا أيضاً عند ممثلي الجالية المسلمة والعربية في فرنسا، وفي مقدمهم "الفيديرالية الوطنية لمسلمي فرنسا" وعميدا مسجدي باريس وليون، الذين قرروا القيام باجراءات مشتركة أمام القضاء الفرنسي. وأوضح رئيس "الفيديرالية الوطنية"، محمد البشاري ل"الحياة"، انه وعميدي مسجدي باريس وليون يتحركون في اتجاهين: الأول هو اجراء مستعجل ويستهدف أحد البرامج الثقافية التي تبثها القناة الثانية في التلفزيون الفرنسي، ويتضمن مقابلة مع هويلبيك عن كتابه الأخير. وقال البشاري ان التحرك يهدف الى الغاء بث البرنامج، اذا كان هويلبيك سيكرر خلاله المواقف الواردة في كتابه، وصرح بها الى مجلة "لير" الأدبية الفرنسية. أما الاجراء الثاني فيتناول الجوهر أي الكتاب نفسه: "اذ اننا سنلاحق الكاتب والناشر أمام القضاء بتهمة التحريض على الحقد العنصري مطالبين بسحب الكتاب وبالتعويض عن الاساءات التي يتضمنها". ورأى البشاري، ان هذا أقل ما يمكن القيام به دفاعاً عن الجالية العربية والمسلمة "وتداركاً لأي استغلال مغاير للقضية بحيث يتحول هويلبيك الى سلمان رشدي آخر". وقال انه في ظل الوضع القائم في الشرق الأوسط حالياً، فإن تعميم المواقف العائدة لهويلبيك من شأنه ان يؤدي "الى بلقنة فرنسا".