شهدت باريس ومنطقتها منذ الاعتداءات التي شهدتها نيويورك وواشنطن الثلثاء الماضي، اجراءات أمنية مشددة تمثلت بتطبيق "خطة فيجيبيرات". وبات الحذر والترقب من السمات الأساسية للحال التي يعيشها المسلمون في هذه المنطقة حيث تعيش غالبية الجالية الاسلامية في فرنسا. وأول مظاهر هذه الحال، انخفاض الإقبال على المساجد، واختفاء البسطات من على أرصفة الشوارع والتي كانت تبيع الكتب والأشرطة الدينية، مثلما غاب عنها جامعو التبرعات لحساب هذه الجمعية أو تلك. والمؤكد ان التغييرات التي شهدتها باريس مردها الى التخوف الذي اصاب أفراد الجالية الاسلامية الموزعين في فرنسا أكثر من 6 ملايين، عقب التفجيرات، التي بادر مسؤولو الجالية وممثلوها الى ادانتها، واستنكارها باعتبارها من أبشع الجرائم. وهذا التخوف مزدوج، فهناك من جهة التخوف من الخلط المحتمل لدى الرأي العام الفرنسي، بين مرتكبي التفجيرات وبين العرب والمسلمين. كما ان هناك تخوفاً من احتمال زيادة التطرف لدى بعض فئات الجالية، خصوصاً الشباب منهم. وفي محاولة للتعامل مع التخوف الأول قال عميد جامع مدينة ليون كامل قطان ل"الحياة" انه عمل على التذكير مراراً "بأننا مواطنون فرنسيون وجمهوريون، وان كل ما يمس فرنسا يمسنا أيضاً". والمهم برأيه هو قطع الطريق أمام أي موقف مفاده ان هناك في فرنسا المسلمين من جهة وسواهم من المواطنين من جهة اخرى، وتأكيد ان رئيس الجمهورية الفرنسية أبدى تعاطفه مع الشعب الاميركي "باسم جميع الفرنسيين أياً كان دينهم أو أصلهم". وفيما تركز وسائل الاعلام الفرنسية على المخاوف السائدة في أوساط الجالية اليهودية، كان لا بد من لفت انتباه المسؤولين الفرنسيين الى مخاوف الجالية المسلمة. وذكر قطان ان هذا ما جعله يتوجه الى السلطات المحلية في ليون، لإبلاغها بالرسائل واتصالات التهديد التي يتلقاها من مجهولين و"تتهمنا بأننا جميعاً مجرمون"، ومطالبتها باتخاذ اجراءات حول الجامع، مثله مثل أماكن العبادة الأخرى في المدينة، وقد لبي هذا الطلب. الضربات المرتقبة وبالحديث عن الحرب والضربات العسكرية المرتقبة، يبرز التخوف الثاني، حيث اعتبر قطان ان "أي ضربة ستوجه الى بلد عربي أو مسلم ستنعكس سلباً على صعيد الجالية العربية والمسلمة في فرنسا"، على رغم ان المواقف الصادرة من المسؤولين الفرنسيين "تدعو بالطبع الى الارتياح وتشكل نوعاً من الضمانة بالنسبة الينا". وعن امكان تدارك الانعكاسات السلبية والسعي الى تطويقها، قال رئيس الفيديرالية العامة لمسلمي فرنسا الأمين العام للمؤتمر الاسلامي الأوروبي محمد البشاري، ان القضية ليست سهلة وانه "في الأساس لم تكن لدينا الحلول الكافية لتنظيم شؤون الجالية، هجرة وديناً وواقعاً، واليوم تأتي كارثة التفجيرات لتعيدنا الى الوراء ما لا يقل عن ثلاثة عقود".