حققت فرنساوروسيا تقارباً مهماً اثر محادثات القمة بين الرئىسين جاك شيراك وفلاديمير بوتين في موسكو امس ووقعا خلالها بياناً مشتركاً عن الاستقرار الاستراتيجي في العالم، ونجحت موسكو في الحصول على موقف فرنسي مؤيد لحملتها على شبكة الدرع الصاروخية الاميركية. وأصبح شيراك أول زعيم يبدأ زيارة رسمية لروسيا من مدينة سانت بطرسبورغ، لا من العاصمة موسكو، في التفاتة ودية الى مضيفه بوتين الذي ولد في "العاصمة الشمالية". وتوافرت للزعيمين فرصة لاجراء محادثات غير رسمية طغى عليها طابع ودي، اذ ان الرئىس الروسي استهل الجلسة الرسمية في الكرملين بقوله انه لا يعرف عما يمكن ان يتحدث "بعدما اسهبنا في مناقشة مختلف المواضيع". وعلى رغم ذلك، عقد الرئيسان خلوة ثنائية في الكرملين، اعقبتها جلسة شارك فيها الوفدان الكاملان وانتهت بتوقيع اتفاقات عن الاتصالات الفضائية. لكن اهم ما اسفرت عنه المحادثات بيان مشترك اعرب فيه الطرفان عن الرغبة في اقامة "توازن استراتيجي" يتناسب وظروف ما بعد الحرب الباردة. وشددا على ان "السياق الاستراتيجي وتحديداً الرغبة في قيام تعددية قطبية" يقتضي السعي كي لا تشهد مرحلة ما بعد الحرب الباردة قيام آلية "أقل الزامية تفتح الطريق نحو تنافس جديد". وتعمد الجانبان صوغ عبارات البيان بكلمات مبهمة للتخفيف من وقعها السلبي على الجانب الاميركي. وأجمع المحللون على ان عبارة "الآلية الأقل الزامية" تعني المشاريع الاميركية الرامية الى الغاء "المعاهدة المضادة للصواريخ البالستية" اي بي ام المبرمة مع مسوكو عام 1972، لتضييق خطط شبكة الدرع الصاروخية. ولمزيد من الوضوح، اكد البيان المشترك ان روسياوفرنسا تعتقدان ان "الكبح النووي القائم على مبدأ الكفاية" يحتفظ بحيويته، اي انهما تلمحان الى ان كل دولة نووية يجب ان تحتفظ بالقدرة على توجيه ضربة جوابية في حال تعرضها للعدوان. وعلى رغم اشارة شيراك الى ان مصير معاهدة 1972 يقرره رئيسا روسيا والولايات المتحدة، فإنه اكد رفضه "وضع نظام أمني غير الزامي بديل من نظام ذي طابع الزامي". وأشار بوتين، من جانبه، الى ان بلاده مستعدة لتقليص الرؤوس النووية، لكنه شدد مرتين على أن هذه العملية يجب ان تكون "خاضعة للرقابة ... وعلى صلة وثيقة" بمعاهدة الدرع الصاروخية. وعلى نطاق اوسع، اشار بوتين الى ان البلدين يسعيان الى اقامة "فضاء اقتصادي اوروبي مشترك من الاطلسي الى الاورال". وظهر خلاف في وجهات النظر بين بوتين وشيراك حول نقل الرئىس اليوغوسلافي السابق سولوبودان ميلوشيفيتش الى محكمة الجزاء في لاهاي وقال شيراك "ان ذلك يشكّل انتصاراً للقانون" في حين اعتبره بوتين "سبباً لزعزعة استقرار يوغوسلافيا". واكتفى بوتين بتبرير العملية العسكرية في الشيشان. وقال: "لو احتل مرتزقة اجانب جنوبفرنسا لكان رد فعل باريس مماثلاً". الى ذلك، نوقشت القضايا الاقليمية باسهاب في اجتماع وزيري خارجية البلدين ايغور ايفانوف وهوبير فيدرين.