في المغرب بعد توالي سنوات الجفاف التي اضرت بالانتاج المحلي ودفعت مئات الآلاف من المزارعين الى الهجرة قالت مصادر مطلعة في المغرب امس ان مشاورات تجري مع مؤسسة "مامدا" للتأمين في الرباط وشركة "اكسا اونا" في الدار البيضاء للبحث في اجراءات انشاء الشركة ربما في خريف عام 2002. وستكون هذه الشركة خاضعة للقانون الخاص على رغم مساهمة الدولة في رأس مالها. واشارت المصادر الى ان مجموعات دولية اعربت عن اهتمامها بمشروع شركة للتأمين الزراعي، بينها "اكسا كوربوريت سوليوشن" و"فيفاندي انترناشيونال" الفرنسيتين. وترتكز الفكرة على توسيع مجال التأمين على المخاطر الزراعية في المغرب وتعويض المزارعين في حال خسارتهم الانتاج لاسباب متعلقة بالتقلبات المناخية او الحرائق او تلف المحاصيل. وتغطي المخاطر انواع الانتاج كافة بما فيها الحبوب والخضراوات. وهي مدعومة من البنك الدولي الذي يؤيد هذا المشروع تمهيداً لتعميمه على دول اخرى في منطقتي الشرق الاوسط وشمال افريقيا. وذكرت مصادر في شركة "مامدا" المغربية التي بدأت هذا النوع من التأمين عام 1996، ان قيمة التعويض ستُحتسب على اساس عجز التساقطات المطرية، ما يضمن للمزارعين المشتركين في التأمين تعويضات عن حجم الاستثمار المنفق في الارض تسمح للمزارع او الفلاح باعادة الاستثمار في الموسم المقبل من دون كلفة اضافية. وقالت الشركة التابعة للدولة ان الهدف هو تحقيق مداخيل لسكان الارياف الذين يكون الجفاف في العادة سبباً مباشراً في افلاسهم، ما يدفعهم الى الاستدانة المفرطة او الهجرة نحو المدن. وكانت "مامدا" وزعت العام الماضي نحو 185 مليون درهم من التعويضات، وشرعت خلال الموسم الجاري في توزيع 150 مليون درهم اخرى على نحو 33 الف مزارع يعملون في مساحة تتجاوز 245 الف هكتار. وكانت المساحة المؤمن عليها تقدر ب300 ألف هكتار غداة اطلاق المشروع منتصف التسعينات. وتقدر المساحة المزروعة سنوياً في المغرب بما يراوح بين 5 و6 ملايين هكتار. ويسعى المغرب الى توسيع التغطية لتشمل ربع الاراضي المزروعة. وتمثل الزراعة نحو 17 في المئة من اجمالي الناتج المحلي ويعيش منها نحو 40 في المئة من مجموع السكان. وكان الجفاف الذي ضرب المغرب للعام الثالث على التوالي خلف خسائر في الاقتصاد المحلي تقدر نحو ثلاثة بلايين دولار سنوياً، وقلص انتاج الحبوب الى 45 مليون قنطار في الموسم الجاري، ما يتطلب استيراد كميات اضافية من القمح تقدر كلفتها بنحو 600 مليون دولار. وكان المغرب انفق ما يزيد على بليون دولار في العامين الماضيين لاستيراد حاجته من الحبوب. كما تقلصت صادراته الغذائية الى اسواق الاتحاد الاوروبي. ولمواجهة ازمة الجفاف، انفقت الحكومة نحو 7.5 بليون درهم نحو 700 مليون دولار لتعويض خسارة المزارعين واعادة جدولة ديونهم المستحقة ل"القرض الزراعي" ومدّ شبكة للمياه والري وتوفير اعلاف للماشية في الارياف. لكن البنك الدولي يعتقد ان هذه الجهود لا تحدّ من تدني مستوى معيشة سكان البوادي المغربية جراء الجفاف. وهو ينصح بتوسيع التأمين على المخاطر التي تصيب المحاصيل بانتظار بديل للامطار. وكان الجفاف تسبب في افلاس عشرات الآلاف من المزارعين. ويقدر اجمالي الديون الزراعية المحلية بنحو 1.4 بليون دولار تحتاج الى عقود عدة من العمل والمحاصيل الجيدة لتسديدها.