ينتظر القطاع الزراعي في المغرب بفارغ صبر، أمطار الربيع التي تأخرت كثيراً عن موعدها، مسبّبة بداية موسم جفاف، ربما تكون له انعكاسات سلبية على أداء الاقتصاد المحلي المعتمد على الإنتاج الزراعي بنسبة 18 في المئة من الناتج الإجمالي. ويُرجح أن يخسر نقطتين من النمو لاحتمال تراجع محصول الحبوب إلى النصف. وعلّقت الحكومة الرسوم الجمركية على واردات القمح لتأمين احتياط إضافي من نحو مليوني طن، بعدما كان المغرب يقترب من الاكتفاء الذاتي في السنوات الأخيرة بمحصول يزيد على عشرة ملايين طن. كما تدرس الحكومة إنشاء «صندوق للتضامن» بقيمة 240 مليون دولار (بليوني درهم)، لمساعدة الفئات الفقيرة من سكان الأرياف، وتقديم دعم مالي للمزارعين المتضررين من الجفاف، وتوسيع خدمات التأمين للحد من التأثير السلبي للتغيرات المناخية في القطاع، منها الموارد المائية وأعلاف الماشية. وتوقع مراقبون أن يرتفع استيراد المنتجات الغذائية الرئيسة هذه السنة، خصوصاً من واردات الحبوب والسكر والزيوت النباتية، ما سيزيد عجز الميزان التجاري ونفقات كلفة صندوق المقاصة لدعم الأسعار المقدر بنحو 50 بليون درهم. وكانت واردات الغذاء تراجعت بنسبة 7.3 في المئة في الشهر الأول من السنة، وانخفض استيراد القمح من 705 ملايين درهم إلى 593 مليوناً، فيما زادت مشتريات المغرب من السكر بنسبة 9 في المئة لتصل إلى 554 مليون درهم. ويتزامن الجفاف في المغرب مع ارتفاع أسعار مواد الطاقة والمواد الغذائية في السوق الدولية، إضافة إلى الأزمات الاقتصادية الإقليمية وتداعيات الربيع العربي. وأفادت مصادر مصرفية بأن حاجة الخزينة إلى التمويل الإضافي، «ربما يصل إلى 100 بليون درهم (نحو 12 بليون دولار)، وهو أكبر عجز مالي في تاريخ المغرب ويقارب 7 في المئة». وأشار تقرير ل «التجاري انتيرمدياسيون»، إلى أن الموازنة «تحتاج إلى اقتراض 45 بليون درهم من السوق المالية لتسديد ديون مستحقة، ما يمكن أن يرفع حجم الاقتراض المفترض إلى 105 بلايين درهم لتقليص عجز الموازنة إلى 5 في المئة من الناتج الإجمالي نهاية هذه السنة». ولا تستبعد المصادر العودة إلى السوق المالية الدولية في مرحلة لاحقة، وتسمح نسب الاستدانة المعتدلة (50 في المئة من الناتج) بالاقتراض الخارجي، لتخفيف العبء على الموارد المحلية التي يمكن أن تُسخّر لمعالجة مشكلة الجفاف وتداعياته الاجتماعية والحد من الهجرة القروية. وتبدو هذه المعطيات من الأسباب التي أرجأت عرض مشروع الموازنة الجديدة على البرلمان، بسبب صعوبات ظرفية وتوقعات معدلات النمو المرجح انخفاضها دون أربعة في المئة، وكانت واردة في النسخة الأولى من الموازنة التي أعدتها الحكومة السابقة نهاية العام الماضي. وأجمع المراقبون على أن الاقتصاد المغربي يشهد أصعب مرحلة منذ عقد على الأقل.