يواجه المغرب موجة جفاف قاسية تهدد المحاصيل الزراعية وتنذر بالتأثير سلباً في النمو الاقتصادي المرتقب نهاية السنة الجارية. وقال وزير الزراعة والتنمية القروية الحبيب المالكي "إن الوضع حرج في بعض مناطق البلاد بفعل انحباس المطر وارتفاع درجة الحرارة بعد انطلاقة جيدة للموسم الزراعي الخريف الماضي". واعتبر المالكي، في عرض مفصل أمام اللجنة الفرعية في البرلمان أول من أمس، أن من السابق لاوانه تحديد حجم الخسائر المتوقعة في القطاع الزراعي وفي الناتج القومي بانتظار سقوط الأمطار المحتمل في الأسابيع القليلة المقبلة. وقال المالكي: "إذا لم يسقط المطر بعد هذا التاريخ، فإن الموسم سيتعرض لأزمة". ويحتاج المغرب إلى أمطار غزيرة، ويقدر العجز في الموارد المائية بنحو 34 في المئة، وتجاوز في بعض المناطق معدل 50 في المئة، ما أدى إلى تقلص منسوب السدود إلى النصف وانخفاض مستوى المياه السطحية. وكشف الوزير المغربي ان 39 في المئة من المساحات المزروعة باتت مهددة بشكل مباشر، في حين دُمرت محاصيل نحو 700 ألف هكتار 13 في المئة من المجموع، وقال: "باستثناء الشريط الساحلي الغربي واللكوس ومنطقة طنجة، فإن وضعية الحبوب جد حرجة في المناطق الباقية". وتدرس الحكومة حالياً اجراءات عاجلة للحد من آثار الجفاف الذي يهدد بهجرة قروية إلى المدن على غرار ما كان يحدث في الأعوام الماضية. وكانت الحكومة رصدت العام الماضي نحو 5.3 بليون درهم للتخفيف من معاناة المزارعين، كما ألغت ديون صغار الفلاحين، ومولت نحو خمسة ملايين يوم عمل في الأرياف. وهذا ثاني موسم جفاف على التوالي يشهده المغرب، ما أدى إلى تقلص اجمالي الناتج القومي إلى أقل من واحد في المئة العام الماضي. ويُتوقع ان يكون النمو ضعيفاً في نهاية السنة 2000. وكانت التوقعات الأولية تشير إلى نمو بنحو 6 في المئة، لكن الضرر الذي أصاب القطاع الزراعي سيجعل النمو يتقلص إلى ما بين 2 و3 في المئة في أحسن الحالات. ويساهم الانتاج الزراعي بنحو 17 في المئة في اجمالي الناتج. وسيحتاج المغرب نتيجة ذلك إلى كميات إضافية من الحبوب تقدر كلفتها بنحو نصف بليون دولار. وتبدو هذه الوضعية غير مساعدة للاقتصاد المغربي الذي تحمل عبء زيادة في سعر صرف الدولار بنحو 20 في المئة، قياساً إلى الدرهم المحلي. وتقلص قيمة اليورو التي تشكل أساس مصادر المغرب من العملات الصعبة التي تعتمد على التجارة مع الاتحاد الأوروبي بنحو 65 في المئة. واعتبر وزير التخطيط ان موجات الجفاف المتعاقبة كانت سبباً مباشراً في انتقال غالبية سكان المغرب من الأرياف إلى المدن خلال العقدين الماضيين، وأصبح سكان المدن يمثلون 55 في المئة من اجمالي السكان بعدما كان عدد القرويين يفوق 60 في المئة قبل عشرين عاماً.