وضع القضاء اللبناني والتفتيش المركزي الاداري يده أمس على قضية اللوائح المسرّبة عن امتناع نواب وسياسيين وشخصيات أخرى عن دفع فواتير استهلاك الكهرباء. وجاءت الخطوة بطلب من رئيس الحكومة رفيق الحريري، بعدما أثارت المسألة ضجة اعلامية وسياسية، وباتت هي القضية، اثر نجاح المفاوضات بين الدولة وموظفي مؤسسة كهرباء لبنان في تعليق اضرابهم، ليل أول من أمس، لأنه كاد أن يتسبب في أزمة كهرباء، لو صعّدوا موقفهم أمس "بتسليم معامل الانتاج للمسؤولين" راجع ص5. وفيما تراجع عمال الكهرباء عن مطلبهم الغاء احدى مواد قانون الموازنة التي تلغي تعرفة خاصة باستهلاكهم الكهرباء، وانعكاسها على تعويضات نهاية الخدمة، واقترحوا بدائل، قبلت وزارة الطاقة ممثلة بالوزير محمد عبدالحميد بيضون التفاوض على عرض قدموه، غير الذي اقترحته الخميس الماضي. واشترط العمال ان تقر البدائل التي اقترحوها في مجلس الوزراء الخميس المقبل، وإلا عادوا الى تصعيد الموقف. ومارس كبار المسؤولين، خصوصاً رئيس الجمهورية إميل لحود الذي تابع الوضع اثناء وجوده في الخارج والحريري، ضغوطاً عبر تلويح الدولة بتدابير صارمة اذا تسبب الاضراب في أزمة كهرباء. وساهمت هذه الضغوط في التوصل الى تفاهم على تعليق الاضراب، لكن نشر لوائح الممتنعين من السياسيين عن تسديد فواتيرهم دفع رئيس الحكومة الى أن يطلب من القضاء والتفتيش المركزي التحقيق في المعلومات المنشورة، ومدى الصحة والخطأ فيها لاتخاذ الاجراءات اللازمة. فبعض هذه اللوائح أشار الى "نجله" من دون ان يسميه، ولكن سرعان ما تبين عدم صحة ذلك. وتوجه النائب العام المالي القاضي خليل رحال ورئيس التفتيش فؤاد هيدموس الى مؤسسة كهرباء لبنان أمس لجمع الوثائق عن المتخلفين عن الدفع، ومدى أداء موظفي الجباية واجباتهم في انذار هؤلاء تمهيداً لاتخاذ التدابير القانونية. وسيواصل رحال تحقيقاته غداً باستدعاء رؤساء اقسام الجباية والجباة المعنيين، وقال مسؤولو نقابة الموظفين انهم سيتعاونون مع القضاء والتفتيش حتى النهاية، خصوصاً ان اذاعتهم اللوائح انقلبت عليهم، فاتهمهم مسؤولون كثيرون بالتقصير في عدم الجباية وبالسعي الى التشهير بالسياسيين انتقاماً لحرمانهم من الامتيازات. وقالت مصادر حكومية ل"الحياة" ان الحريري بتحريكه القضاء سيصر على المضي في الموضوع الى النهاية، "إن بملاحقة أي مشترك لتخلفه عن دفع فواتير الكهرباء، مهما علا شأنه، وإن لجهة ملاحقة الموظفين المقصرين في عملية الجباية، لأن تقصيرهم يحرم الخزينة من مداخيل". وأضافت المصادر ان "التحريك القضائي والاداري لقضية اللوائح سيكشف هل سعى بعض الموظفين الى التشهير أم لا". وتضم اللوائح اسماء وزارات ممتنعة عن التسديد، وكذلك اسم رئيس المجلس النيابي نبيه بري. واعتبر الوزير بيضون ان اللوائح التي وزعت "رخيصة ومدسوسة ومخجلة ولا قيمة لها"، نافياً وجودها. ولافتاً الى ان بري هو اول من دفع فاتورته. وزاد: "يؤلمني ان اللائحة طاولت شخصيات وطنية كبيرة راحلة، منها منير ابو فاضل وكمال جنبلاط". وتوقّع بيضون ألا يعاود العمال الاضراب وحملهم المسؤولية.