اعتمدت القوات الدولية في البوسنة طريقة جديدة على نمط "الأفلام البوليسية" في اعتقال أحد المطلوبين الصرب من جانب محكمة الجزاء الدولية في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب. واستفاد رجالها الذين كانوا يرتدون ثياباً مدنية من أجواء التحركات الواسعة التي وفرتها مناسبة العيد في مناطق الصرب لتنفيذ العملية. أعلنت قوات حفظ السلام الدولية في البوسنة سفور انها ألقت القبض على المقدم في جيش صرب البوسنة دراغان اوبرينوفيتش الذي وصفته بأنه "أحد أبرز المتهمين بارتكاب افظع جرائم الحرب التي وقعت في أوروبا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية". واستخدمت القوات الدولية مجموعة من افرادها الذين ارتدوا ملابس مدنية وتنكروا بصفة متنقلين عاديين في سيارتين تحملان لوائح بوسنية احداهما من طراز "غولف" والأخرى "شكودا" وتعاونوا مع "عملاء" محليين في إلقاء القبض على أوبرينوفيتش، عندما كان ينتقل قرابة الساعة الواحدة من بعد ظهر أول من أمس في أحد شوارع قرية كوزلوك القريبة من مدينة زفورنيك مع أفراد عائلته، متوجهاً لزيارة احد الأقارب للتهنئة بمناسبة عيد الفصح. وتقدم منه ثلاثة من أفراد المجموعة وتذرعوا بسؤاله عن عنوان معيّن، وأمسكوا به بسرعة ووضعوه في احدى السيارتين، اللتين اتجهتا نحو اراضي الاتحاد الفيديرالي المسلم - الكرواتي حيث المسافة حوالى عشرة كيلومترات، وتجنبتا الوقوف في نقطة تفتيش لشرطة صرب البوسنة. وكان اوبرينوفيتش منذ الحرب البوسنية، قائداً للوحدة العسكرية الصربية في مدينة زفورنيك على نهر درينا الذي يشكل الحدود بين البوسنة وصربيا - 50 كلم شمال مدينة سريبرينيتسا التي شاركت وحدات صربية اخرى في تنفيذ اقتحام سريبرينيتسا صيف 1995. ويتوقع أن ينقل أوبرينوفيتش في غضون أيام قليلة الى لاهاي حيث يمثل أمام محكمة جرائم الحرب التي طلبت من القوات الدولية القاء القبض عليه بموجب لائحة سرية اعدت في 23 آذار مارس الماضي. ورحبت المدعية العامة لمحكمة جرائم الحرب كارلا ديل بونتي بعملية القاء القبض هذه وقالت: "أتمنى أن يقود اعتقال أوبرينوفيتش الى عمليات مماثلة ضد عشرة من المتهمين الفارين في جمهورية صرب البوسنة خلال الأسابيع المقبلة". والى ذلك، وصفت الناطقة باسم محكمة لاهاي فلورنس هارتمان، اوبرينوفيتش بأنه أحد المتورطين الرئيسيين في قتل آلاف المسلمين في مدينة سريبرينيتسا "وعلى رغم انه كان يوجد من هم أعلى رتبة منه في القوات الصربية، الا انه لعب دوراً كبيراً في مجزرة سريبرينيتسا". وأصدر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي جورج روبرتسون بياناً، أكد فيه ان اعتقال أوبرينوفيتش "خطوة جيدة في سبيل ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب، ورسالة تحذيرية قوية الى الفارين منهم حتى يسلموا أنفسهم أو يواجهوا مثل هذه الاعتقالات". وجاءت هذه العملية بعدما طالبت ديل بونتي قوات حفظ السلام بتكثيف جهود تعقب المطلوبين بارتكاب جرائم حرب. واتهمت في شباط فبراير الماضي الحلف الأطلسي باهمال تعقب المتهمين بجرائم حرب، مشيرة الى انه "لا يوجد أي مبادرة من الحلف في شأن اعتقال المطلوبين، ومن بينهم زعيم صرب البوسنة السابق رادوفان كاراجيتش". وتساءلت ديل بونتي في حينه عن فشل القوات الدولية في العثور على كاراجيتش طوال خمس سنوات وهو لم يغادر المنطقة الخاضعة لسيطرة القوات الأطلسية. وأكدت انها حتى الآن لم تشعر بأن الدول الغربية تخلت عن هذه المهمة "وإن كان هذا الشعور بات قريباً". ويذكر ان الجنرال راديسلاف كرستيتش قائد جيش صرب البوسنة السابق، يحاكم حالياً في لاهاي بتهم المشاركة في الجرائم التي وقعت في سريبرينيتسا.