تبدأ اليوم محكمة الجزاء الدولية الخاصة بجرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، محاكمة الجنرال في جيش صرب البوسنة راديسلاف كيرستيتش 52 عاماً الذي كان أحد المسؤولين الرئيسيين عن مجزرة مدينة سريبرينيتسا شرق البوسنة. ومعلوم ان تقريراً للأمم المتحدة وصف المجزرة بأنها "الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية". وكان الجنرال كيرستيتش أثناء حصولها نائباً لقائد "فرقة درينا" نسبة إلى نهر درينا الذي يشكل الحدود الشرقية للبوسنة مع صربيا في جيش صرب البوسنة. وكانت سريبرينيتسا في إطار عمليات الفرقة. ويفيد محضر اتهامه الذي أعلنته المدعية العامة لمحكمة لاهاي كارلا ديل بونتي، انه تصرف "بنية القضاء على جزء من السكان المسلمين البوسنيين بصفتهم شعب أو اثنية أو مجموعة دينية. كما ارتكب جريمة ضد الإنسانية وخطط لها وحرض عليها وأمر بها أو ساعد وشجع على التخطيط لها وإعدادها وتنفيذها". وبناء على ذلك، تدور محاكمة الجنرال كيرستيتش في شأن "عمليات إبادة تتضمن خمس تهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وواحدة تعد جريمة حرب، لدوره في استيلاء القوات الصربية على هذا الجيب المسلم في 11 تموز يوليو 1995، بعد صمود بطولي لسكانها في وجه الحصار والهجمات العسكرية الصربية، استمر 39 شهراً. وكان عدد سكان سريبرينيتسا قبل الحرب 37 ألف نسمة، يشكل المسلمون 74 في المئة منهم والباقون صرب، حسب الاحصاء السكاني الرسمي في البوسنة لعام 1991. ويذكر ان سريبرينيتسا كانت رسمياً إحدى المناطق الخمس التي أعلنتها الأممالمتحدة "ملاذات آمنة" في البوسنة. وتردد ان سقوطها حصل بسبب تواطؤ الأممالمتحدة والقوات الهولندية العاملة في إطارها، والتي كانت منتشرة في المدينة وضواحيها. واشيع ان هذا التواطؤ استهدف ان يظل في شرق البوسنة جيب مسلم واحد يحتاج إلى ممر داخل المنطقة الصربية هو جيب غوراجدا، كما استهدف انهاء الجيبين الآخرين: سريبرينيتسا وجيبا، تسهيلاً لتطبيق مشروع انهاء الحرب الذي كان يعمل من أجله المبعوث الأميركي ريتشارد هولبروك وسمي المشروع لدي ابرامه بعد سقوط سريبرينيتسا بحوالي خمسة أشهر ب"اتفاق دايتون". ومعلوم ان المتهمين بجرائم الحرب اللذين لم يعتقلا حتى الآن هما: رئيس صرب البوسنة السابق رادوفان كاراجيتش وقائده العسكري الجنرال راتكو ملاديتش، واشرف الاثنان على هجوم سريبرينيتسا والمجزرة التي ارتكبت ضد سكان المدينة وذهب ضحيتها، حسب أرقام اللجنة الدولية للصليب الأحمر، "الآلاف من المسلمين البوسنيين بين قتيل ومفقود ومشرد". وذكرت مصادر محكمة الجزاء الدولية في لاهاي ان خبراءها "أخرجوا ألفي جثة على الأقل لضحايا سريبرينيتسا من قبور جماعية في البوسنة". وبعد سقوط سريبرينيتسا بيومين، كان كاراجيتش اصدر قراراً بترقية كيرستيتش ليصبح قائد "فرقة درينا"، تقديراً لجهوده، باعتباره "خطط" للعملية في الجيب المسلم "ونفذها بطريقة استثنائية". ووصفت وثيقة الاتهاك كيرستيتش بأنه "الذراع اليمنى للجنرال ملاديتش". وفي تصريح صحافي، قال بول ريسلي الناطق باسم المدعي العام للمحكمة: "سنقدم خلال المحاكمة أرقاماً جديدة تسجل بدقة عدد ضحايا المجزرة التي يتحمل الجنرال كيرستيتش مسؤولية ارتكابها". وأكد كيرستيتش، الذي فقد إحدى ساقيه في النزاع البوسني، مرتين براءته من التهم الموجهة إليه، وكانت قوات حلف شمال الأطلسي في البوسنة اوقفته في كانون الأول ديسمبر 1998.