أعلن الرئيس السوداني عمر البشير أمس فشل وساطة يقوم بها وفد اسلامي لمعالجة خلافه مع زعيم حزب "المؤتمر الشعبي" الدكتور حسن الترابي ورد ذلك الى رفض الترابي التراجع عن اتفاق حزبه مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بقيادة العقيد جون قرنق. وأغلق البشير بذلك الباب أمام جهود الوساطة التي قادها اسلاميون بارزون منهم عبدالمجيد الزنداني التجمع اليمني للاصلاح وعبداللطيف عربيات واسحق الفرحان جبهة العمل الاسلامي الأردنية ومحمد عمر الزبيري جامعة الملك عبدالعزيز السعودية وحسن هويدي الاخوان المسلمون في سورية وقاضي حسين الجماعة الاسلامية في باكستان وفتحي يكن الجماعة الاسلامية في لبنان. وعقد الوفد لقاءات مع قادة الحزب الحاكم والمؤتمر الشعبي ثم اجتمع مع الترابي في سجنه أول من أمس وأخيراً البشير أمس. وقال الرئيس السوداني انه عقد لقاء مطولاً مع الوفد وأبلغه قناعته ان حل المشكلة يكمن في تراجع الترابي عن اتفاق حزبه مع حركة قرنق. وأوضح ان الترابي المعتقل منذ 22 شباط فبراير الماضي رفض التراجع، مضيفاً ان مصير الزعيم الاسلامي وقادة حزبه المعتقلين "بات رهناً بما ستسفر عنه الاجراءات القانونية". ولم يتحدث البشير عن أي اتجاه لمحاكمة هؤلاء في لهجة بدت مخففة ومختلفة عن تصريحات سابقة حدد فيها الاتهامات والمواد القانونية. وحمل البشير على حليفه السابق، وذكر أن "لا وجود لحزب المؤتمر الشعبي أو مؤسساته. والمؤتمر الشعبي هو حسن الترابي". لكنه اعترف بأن الخلافات والصراع بين الاسلاميين أثر سلباً على أداء الدولة وعطل مشروعاتها وهز الثقة في الحكومة و"الحركة الاسلامية السودانية". وزاد: "نحن محتاجون الى جهد لترميم آثار الصراع والخلاف". ووصف ما يتردد عن صراع داخل السلطة بأنه اشاعات. وقال: "ما يشاع عن صراع بين الرئيس ونائبه الأول علي عثمان محمد طه كله كذب. الاشاعات والنكات والمنشورات تصلنا". وعن مطالبة بعض القوى السياسية له بأن يكون رئيساً قومياً قال البشير: "إذا أردت ان أكون رئيساً قومياً سأستقيل من منصبي وأترشح مستقلاً". وزاد ان "المؤتمر الوطني حزبي الذي أتى بي للسلطة فليس عملياً ولا أخلاقياً أن أدير ظهري له بعد أن أوصلني الى السلطة"، مؤكداً أنه سيكون رئيساً للجميع وسيحافظ على حقوق المواطنين الدستورية. ودشن البشير أمس حملة لإعادة بناء حزبه بعد تجاوزه مرحلة الصراع مع الترابي. وقال ان انشقاق المؤتمر الشعبي لم يؤثر على الحزب الحاكم واعتبر ان 90 في المئة من قواعد الحزب أيدته. ودعا الى إعادة بناء الحزب بهدف "تقويته وإعادة صياغته من القاعدة الى القمة وبنائه على أسس فكرية حتى لا يكون حشداً في مواسم الانتخابات"، مشيراً الى أن الحزب سيمارس نقداً ذاتياً ويراجع مسيرته. ورفض نائب الامين العام لحزب المؤتمر الشعبي الدكتور علي الحاج محمد امس "المقايضة باطلاق قادة الحزب مقابل التراجع عن مذكرة التفاهم مع الحركة الشعبية". وقال ل"الحياة" في لندن ان حزبه يعتبر "الموقف من المذكرة مبدئيا، وسنواصل الحوار مع الحركة حتى نتوصل الى حلول تحقق السلام في السودان، وعندئذ سنرحب بمشاركة كل القوى بما فيها الحكومة. هذه مسألة استراتيجية لا يجوز التنازل فيها". واعتبر ان "المساومة التي قامت بها الحكومة مؤسفة، واستخدام الضغط للحصول على تنازلات امر غير مقبول".