نزل الى البحر قبل ان تكتمل أعوام سنته الأولى، وتعلم السباحة والغطس والأوكسجين على ظهره في عمر السنتين، يلقبه البحارة "جن البحر"، لأنه كان يسابقهم ويلحق بمراكبهم الى عرض البحر. علّمه والده الدكتور جمال يونس الغطس وعرّفه على جميع أنواع الأسماك ومعظم الكائنات البحرية - التي تعيش في بحر مدينة صور حيث يعيش الطفل مع أهله. بلغ علي من العمر ست سنوات، ويقول والده انه أصغر غطاس في العالم ويمكن ان ينضم اسمه الى موسوعة "غينس"، ولا شك في أنه عمر لافت ويجذب المهتم وغير المهتم. ذهبت الى مدينة صور والتقيت به في منزله المشرف على بحر المدينة، ومن يقف على شرفة منزله ويرى سجادة البحر الكبيرة لا يتفاجأ بسرّ العلاقة القائمة بين علي ووالده والبحر: "انا أقف على الصخرة وأقفز في البحر من دون خوف. علمني والدي الغطس وكيفية استعمال أنابيب الغاز و"البالمات"، بهذه الجملة جاوبني علي عندما سألته عن علاقته بالبحر والغطس. ويتحدث علي ببراءة وحماسة عن نفسه ومغامراته البحرية. ويقول انه تعلم الغطس في عمر السنتين، وكان يضطر الى حشو "البالمات" بالقماش كي تصير على قياسه، فلا يوجد "بالمات" بقياس قدميه. يحب علي البحر كثيراً، وتعرف على معظم كائناته من أسماك واسفنج وسلاطعين وغيرها، ويحفظ الكثير من أسمائها وأشكالها الى درجة انه يتقن رسمها. ويقول: "أنا أحب الرسم كما أحب الغطس". سألته: هل تخاف من الأسماك؟ قال علي: "أحب ملاحقة الاسماك والتقاطها، لا أخاف منها، الا انني لا أستطيع الامساك سوى بالأسماك الصغيرة، لأن الكبيرة أسرع مني وأستطيع اصطياد الأخطبوط والسلاطعين، وأعرف تحديد أجناسها ومخاطرها، كما أعرف أن أهرب من قناديل البحر كلما هاجمتني، فأغطس تحتها وأراقبها كيف تطفو على وجه الماء". يعاني علي من ثقل وزن أنابيب الأوكسجين وهي على ظهره ويشعر بالبرد عند أول غطسة، إلا انه لا يتذمر بل يستمر بالغطس ويحاول التأقلم مع حرارة المياه، خصوصاً أنه يمارس هواية الغطس في جميع الفصول، ويرافق والده الى صيد السمك في معظم الأحيان "وهو يعرفني على فنون الغطس والصيد في البحر". البحارة في صور يطلقون على علي اسم "جن البحر"، ونكتشف ان الطفل كان وما زال يسابق الرجال قبل الأولاد ولا يخاف اللحاق بهم الى عرض البحر، ويفاجئ مراكب الصيادين ويتبعها بسرعة كبيرة. حلم علي اصطياد الأسماك الكبيرة بالبندقية والغطس الى أعماق أكثر، ويقول ان حلمه هذا "ليس مستحيلاً فالمسألة تحتاج الى سنوات قليلة: "عندما يكبر جسمي ويقوى على مسابقة الأسماك الكبيرة". "فرخ البط عوام" ينطبق هذا القول على علي ووالده، فوالده طبيب أسنان يمضي ساعات طويلة في البحر والغطس ويرافقه طفله دائماً الى رحلة المتعة في العالم المالح.