برز اتجاه قوي في الخرطوم نحو اطلاق زعيم حزب المؤتمر الشعبي المعارض الدكتور حسن الترابي وقادة حزبه المعتقلين، في ظل انحسار في الحملة الاعلامية المكثفة التي نفذتها الحكومة ضده، وتعدد المبادرات من مؤيدي الحكم والاسلاميين في الخارج. ومضى اول من امس، أحدث موعد أعلن عنه لتوجيه الاتهام رسمياً الى المعتقلين، لكن الحكومة التي أكد مستشاروها القانونيون عدم وجود قضية تجرى على اساسها محاكمة، بدأت تلمح الى رغبتها في الحصول على ضمانات قبل النظر في اطلاق قادة "المؤتمر الشعبي". وينتظر ان يصل الى الخرطوم وفد يمني من حزب "المؤتمر الشعبي العام" الحاكم وحزب تجمع الاصلاح الاسلامي لاجراء محادثات تهدف الى تسوية ملف اعتقال الترابي. ولوحظ تعثر مساعي الحكم لحشد الرأي العام تهيئة لمحاكمة حلفاء الرئيس عمر البشير السابقين، في وقت تعددت المبادرات من رموز ومؤيدين للحكم، وصبت في اتجاه تسوية القضية وعدم نقلها الى المحاكم. ووقع 39 من قادة الحركات الاسلامية على بيان صحافي ينتقد اعتقال الترابي ويدعو الى اطلاقه فوراً. وتحدث امس قياديان اسلاميان التقيا البشير أخيراً مع آخرين، عن أملهما باستجابة الحكم نداءات لتهيئة الأجواء لحوار وطني باطلاق المعتقلين. وأعرب القيادي الاسلامي الدكتور حسن مكي عن أمله باطلاق المعتقلين قريباً. وتحدث المحامي محمد يوسف محمد وهو من أبرز مؤيدي البشير في خلافه مع الترابي عن "اتجاه الى طرح ميثاق يضبط الممارسة السياسية بالتراضي ويدعو الى نبذ العنف وعدم الاستعانة بالاجانب وأعداء الوطن". ومثلت الفكرة نوعاً من الضمانات التي يمكن طرحها للتفاوض. وقال الأمين العام للحزب الحاكم البروفيسور ابراهيم احمد عمر ان القيادات التي التقت البشير تحدثت عن اطلاق المعتقلين "لكن الجانب الحكومي رد بأن اي حديث عن المصالحة يجب ان يسبقه درء الضرر الناتج عن التسيب والانفلات"، في اشارة الى توقيع حزب الترابي مذكرة تفاهم مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان". وتابع: "اكدنا لهم أهمية وجود الامن، وقلنا لهم ان هؤلاء كانوا يتصرفون وكأنه لا توجد دولة. لا يمكن دولة تحترم نفسها ان تجعل المواطنين يشعرون بأنها غير قادرة على حمايتهم وضمان الامن". وكرر أن اطلاق المعتقلين ووقف المحاكمات ليس مطروحاً "لأن هذه القضايا في يد وزارة العدل والقانون سيأخذ مجراه". وقال ل"الحياة" احد المقربين الى مركز صنع القرار امس، ان الحكومة ستطلق الترابي وأعوانه قبل احتفالها بمرور 12 سنة على استيلاء البشير على السلطة نهاية حزيران يونيو 1989. واضاف: "مع اقتراب موعد الاحتفالات ستصبح السجون خالية من أي معتقل سياسي. ستكون مبادرة تلقائية من الحكومة واستجابة لوساطات وطنية واسلامية لا يمكن ردها". ويقول أنصار الترابي انهم لا يرغبون في أي مفاوضات قبل اطلاق مسؤوليهم، ويرفضون بشدة حلا يقضي بترحيل الزعيم الاسلامي الى خارج البلاد.