} الخرطوم - كمال حامد بدأ الفرز العملي داخل صفوف الحركة الاسلامية السودانية التي باتت عمليا حزبين يقود أحدهما الدكتور حسن الترابي والثاني الرئيس عمر البشير، وتحركت جماعات من الاسلاميين الذين ناصروا الحكومة خلال الاعوام العشرة الماضية في إتجاه منزل الترابي الذي نصبت فيه خيمة كبيرة، فيما توجهت جماعات أخرى نحو لقاءات التنوير مع المسؤولين الحكوميين. ويتوقع أن يتضح حجم الحزبين الاسلاميين الجديدين في الايام المقبلة. وخفت الحديث عن إعتقالات في ظل حال الفرز التي حرصت الحكومة خلالها على عدم إستعداء قطاعات جديدة. ويمثل الاسلاميون في مؤسسات الدولة والتنظيمات الشعبية الركيزة الاساسية لحكم البشير. وقضى البشير أمس في عقد لقاءات "تنوير" شملت الاجهزة والقطاعات الحساسة في الدولة لشرح قراراته. ونقل عنه قوله في أحد هذه اللقاءات أن على قادة الحزب الذين جمد عملهم بقرار "البقاء في منازلهم"، ولم تصدر قرارات جديدة عن الرئيس الذي وعد بقرارات تكمل ما بدأه بإقصاء الترابي من الحزب الحاكم. تفاصيل ص 5 وتقاطر المؤيدون على منزل الترابي طوال يوم أمس، وقدر مساعدون للزعيم الاسلامي عدد الحضور في احدى مراحله بنحو ثلاثة آلاف شخص. وخاطب الترابي الحشد مطلقاً شعاراً جديداً هو: "لا إله إلا الله، بها سالمنا وبها غدا نصادم، وبها والينا وبها غداً نفاصل". وإتهم البشير ب "خيانة الحركة الاسلامية". وأضاف أن البشير "يسعى الى استرضاء الغرب والعرب لتعطيل دين الله. اليوم كل الحركة الاسلامية مفصولة عن السلطة بسبب عملاء الغرب". وأعلن ان "القيادات المنتخبة للمؤتمر الوطني ستجتمع لاتخاذ المواقف ولن تكون مواقف تعبير بل مواقف عمل". وعن طبيعة الخطوات المقبلة قال الترابي :"ستتخذ طابع التعبئة وربما نقلت المعركة الى الشارع". وأعلن مسؤول آخر خلال اللقاء أن القيادات المنتخبة ستعقد إجتماعا في وقت متقدم مساء أمس وربما قررت تجميد منصب رئيس المؤتمر لإبعاد البشير ومناصريه، ما سيعني عملياً قيام حزبين بإسم واحد. ولا يستبعد أن يلجأ الترابي الى إستحداث إسم جديد لحزبه والتحول رسمياً الى المعارضة. وتحدث في اللقاء عدد من القياديين الاسلاميين معلنين ولاءهم للترابي. وكان لافتاً ان يشارك من يعرف بلقب "أمير الدبابين"، وهم مجموعات إنتحارية نفذت هجمات ناجحة على مواقع زعيم الجيش الشعبي لتحرير السودان العقيد جون قرنق في الجنوب. وشدد المتحدث الطبيب الناجي عبدالله على انه: "من دون تهديد نقول إننا رهن إشارة شيخ الحركة ومستعدون للنزال. لكننا نكره ذلك ونتمنى أن لا يحدث. لم نكن نتصور أن القيادات الاسلامية يمكن أن تفعل بنا ما فعلت". وسعت الحكومة أمس الى فرض تعتيم إعلامي على أخبار معسكر الترابي فأوقفت صدور أربع صحف أمس وأجرت إتصالات مع صحافيين طالبتهم فيها بالحد من تغطية هذه الانباء. وعقد وزير الداخلية إجتماعا مع رؤساء تحرير الصحف وطالبهم ب "تناول الاحداث بموضوعية بعيدا عن الاثارة التي تساهم في تفكك المجتمع والجبهة الداخلية". وحذر من إستخدام السلطات أجهزتها الامنية قائلا: "لم يعتقل أحد حتى الآن، لكن القانون سيطاول اي شخص يخرج على الشرعية والقرارات الرئاسية". ومنعت السلطات فجر أمس طباعة صحف "ألوان" و"الوفاق" و"الصحافي الدولي" و"الرأي الآخر". ويعتقد أن "ألوان" قد تمنع من الصدور بعد نشر رئيس تحريرها حسين خوجلي مقالا عن لقاء الرئيس مع القيادات لدى إعلانه قراراته الاخيرة. وركز المقال على ملاسنة بين الرئيس وأمين الحزب في العاصمة القيادي الاسلامي البارز ياسين عمر الامام الذي إعترض على القرارات بإعتبارها "غير مؤسسية وغير ملزمة". ونقل المقال المحظور عن البشير قوله مخاطبا الامام "ليس هناك بعد اليوم يا ياسين مؤسسية، هناك بندقية". ونقلت الصحيفة عن الامام "إن المعتقلات يا سيادة الرئيس لا تخيف أحداً".