عملية تحطيم تمثالي بوذا في باميان انتهت. ورفضت حركة طالبان وساطة الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان لوقف تحطيم ما تبقى منها، معتبرة أن تحطيم التماثيل مسألة دينية داخلية لا شأن للعالم بها، وأن أحداً لم يقدم مبرراً دينياً لوقفها. بصرف النظر عن ما قيل أو سيقال عن تصرف طالبان وتأثيره في صورة الإسلام، وكونه قضية خلافية بين علماء المسلمين، ويمثل خلطاً في قضية الأولويات، ويثير شكوكاً في توقيته وأسلوب تنفيذه، فإن ما قامت به حركة طالبان أكد جملة من الحقائق المهمة. إن الأممالمتحدة لم تعد تنفذ رغبة العالم بل رغبات الأقوياء فيه. فالأمين العام يعرف أن الأطفال الأفغان يموتون من الجوع والمرض منذ سنوات، وأن الحصار المضروب على أفغانستان فيه من الظلم والانحياز أكثر مما فيه من العدالة والحق، ولم يفكر في زيارة هذا البلد أو يتحاور مع قيادته ويناقش وطأة العقوبات الدولية على كاهل الشعب الأفغاني، لكنه تحرك بسرعة لحماية تماثيل بوذا، وتحول من أمين عام إلى مندوب لمنظمة ال"يونيسكو"، حرصاً على إعطاء إدانة فعل طالبان غطاءً دولياً يمكن استثماره مستقبلاً لأهداف سياسية لا علاقة لها ببوذا وأتباعه. إن الأمين العام يرى ويتابع التدمير المستمر والمتعمد الذي تقوم به إسرائيل لتشويه معالم المسجد الأقصى، والحفريات التي تهدف إلى تشويه تاريخه وطمس الأدلة التاريخية على انتمائه للعرب والمسلمين ولا يحتج معتبراً ما تقوم به إسرائيل شأناً داخلياً على رغم أنه يجري على أرض محتلة وأسفل مسجد وليس معبد يهودي. إن الحوار حول تحطيم تماثيل باميان لم يكن موضوعياً في غالبه، فبعض المتحاورين كان حريصاً على مشاعر البوذيين وأصحاب الأديان الأخرى، ولم يكن كذلك بالنسبة الى المسلمين الذين يرون صواب ما قامت به طالبان، وبعضهم الآخر تعامل مع سلوك طالبان من زاوية ثقافية أحياناً، وسياسية أحياناً أخرى، وغيب عن عمد المبررات الدينية للقضية أو همشها.