خرج الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان محبطاً من لقائه في اسلام آباد امس، مع وزير الخارجية في حكومة "طالبان" ملا وكيل احمد متوكل الذي بدا متشدداً ازاء قضية تدمير التماثيل البوذية في بلاده، رافضاً البحث معه في هذا الشأن "الديني الداخلي"، مشيراً الى ان تمثالي بوذا في باميان دمر الجزء الأكبر منهما. وفي المقابل، اتجهت الأنظار نحو وفد منظمة المؤتمر الإسلامي الذي اختلى أعضاؤه فور وصولهم الى قندهار امس، بزعيم "طالبان" ملا محمد عمر وعدد من كبار المسؤولين في الحركة، من اجل مناقشة "شرعية الاحتفاظ بتماثيل ما قبل الاسلام في الأراضي الافغانية". راجع ص 7 وبدت المهمة شاقة بالنسبة الى الطرفين، اذ يصعب على الحركة رفض طلب الوفد وقف تدمير التماثيل، خصوصاً ان بين أعضائه علماء بارزين امثال مفتي مصر الدكتور نصر فريد واصل والمفكر الإسلامي الشيخ يوسف القرضاوي وآخرين كانوا عارضوا تدمير التماثيل البوذية، نظراً الى عاصفة الاحتجاجات الدولية على هذا القرار. كذلك فإن الازهر ابدى دعمه لمهمة الوفد، اذ عقد "مجمع البحوث الإسلامية" وهو أعلى هيئة فيه اجتماعاً مساء أول من أمس، برئاسة شيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي وأصدر بياناً حض فيه "طالبان" على الاستجابة للجهود الاسلامية "التي تسعى إلى تحسين صورة الاسلام في العالم وتفادي الاساءة إليه". وفي الوقت نفسه، ربطت "طالبان" التراجع عن قرارها بإجماع العلماء العرب والافغان على "مبرر شرعي" يسمح ببقاء التماثيل، ما قد يفسر في حال اصرارها على خطوتها، بان ثمة خلافاً بين العلماء في الجانبين، الامر الذي ستكون انعكاساته اكثر سوءاً على العلاقات بين الجانبين ويضع الحركة في عزلة اسلامية بعد عزلتها الدولية. وكان وفد "المؤتمر الاسلامي" الى قندهار حرص على الجمع بين مبادرتين عربيتين في هذا الاتجاه: الاولى مصرية اطلقها الرئيس حسني مبارك تجاوباً مع طلب تلقاه من مدير عام اليونسكو كويشيرو ماتسورا، والثانية اطلقتها قطر بصفتها الدولة التي ترأس الدورة الحالية لمنظمة المؤتمر الاسلامي. وانبثق من المبادرتين المتكاملتين وفد موحد توجه من الدوحة جواً بعد اذن خاص من الاممالمتحدة.