لم تكتمل بعد صورة التشكيل الحكومي الجديد في الكويت، والذي يتوقع إعلانه رسمياً غداً السبت إذا حظي بقبول المراجع العليا. ولا تزال الترسيبات التي تصدر عن مصادر في الأسرة الحاكمة وتلتقطها الصحف المحلية بحماس، تؤثر في توقعات المراقبين بشأن شاغلي الحقائب الوزارية. وقال نائب برلماني ل"الحياة" إن تجارب سابقة تشير إلى أن تغييرات مهمة يمكن أن تطرأ على التشكيل في الدقائق الأخيرة وحتى بعد طباعة أسماء الوزراء على أوراق الديوان الأميري. وصار أكيداً الآن أن "وزارة صباح الأحمد"، كما تسميها الديوانيات في الكويت، ستشهد مشاركة أوسع من شيوخ الأسرة الحاكمة، مع انتقاء أدق لوزراء تكنوقراط للوزارات الفنية ومشاركة ثلاثة نواب في مجلس الأمة البرلمان على الأقل. واستقبل الشيخ صباح، الذي تولى عملية اختيار المرشحين للوزارة خلال الأيام الأخيرة والبحث في الحقائب التي سيشغلونها، ممثلين لثلاث مجموعات سياسية غير رسمية هي: التجمع الديموقراطي الكويتي الليبراليون الجدد، والحركة الدستورية الكويتية الاخوان المسلمون، والتجمع الإسلامي الشبعي السلفيون التقليديون، واستمع إلى وجهات نظرهم في التشكيل المتوقع. والصورة التي توافرت أمس تشير إلى بقاء وزارات الخارجية الشيخ صباح والداخلية الشيخ محمد الخالد الصباح والصحة الدكتور محمد الجارالله والإسكان والكهرباء والماء الدكتور عادل الصبيح كما هي، وسيشمل التغيير الثلثين الباقيين من الحقائب: فالدفاع رشح لها وزير الإعلام السابق الشيخ جابر المبارك الصباح وسط تحفظات تعكس التوازنات الداخلية للأسرة الحاكمة، والإعلام رشح لها الشيخ الشاب أحمد الفهد الصباح، ولا يزال غير واضح اسم أو اسماء من سيمثل فرع آل السالم في الحكومة، خصوصاً مع ما يشاع عن امتناع الشيخ محمد الصباح عن الحلول مكان أخيه وزير الدفاع المستقيل الشيخ سالم الصباح، الذي لن يشارك في الحكومة الجديدة بسبب ما يشبه "الفيتو" عليه من جانب الشيخ صباح الأحمد، على حد وصف المصادر الكويتية. ومن المحتم أن تخضع اسماء شاغلي الحقائب من أفراد الأسرة خصوصاً لمراجعة دقيقة من جانب ولي العهد الشيخ سعد العبدالله المكلف رسمياً تشكيل الحكومة وذلك قبل إقرارها نهائياً. وهناك شد وجذب حول ثلاث وزارات هي: النفط والتربية والمال. فالشيخ سعود الناصر يأمل في البقاء في وزارة النفط، لكن المعلومات تشير إلى أن هذه ستذهب إلى الرئيس السابق لشركة نفط الكويت خالد الفليج الأكثر قبولاً من جهة نواب مجلس الأمة البرلمان. ويقال إن الشيخ سعود رفض حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية، التي لو استلمها، سيكون في موضع مواجهة مرة أخرى مع الإسلاميين بحكم أن هذه الوزارة تهيمن على النقابات والجمعيات واللجان الخيرية التي يديرها الإسلاميون. ومن الواضح ان الشيخ صباح يحاول من خلال إبعاد حقيبة النفط عن الشيخ سعود تلافي مواجهة حتمية مع النواب الذين طلب 29 منهم قبل أيام مناقشة اجراءات الشيخ سعود في ما يخص مشروع حقول نفط الشمال المثير للجدل. وقالت مصادر نفطية كويتية ل"الحياة" إن الشيخ سعود رفض تولي حقيبة وزارية غير حقيبة النفط في الحكومة الجديدة. وأضافت انه يفضل الخروج من الحكومة إذا بقي الإصرار على عدم تسليمه حقيبة النفط. وذكرت أوساط نفطية ل"الحياة" أن الشيخ سعود يرتكز في موقفه إلى كونه نجح في وزارة النفط سواء على الصعيد المحلي باستقطاب أكبر عدد من الكويتيين المؤهلين للعمل، حيث ارتفعت نسبة العمالة الوطنية في القطاع النفطي إلى 72 في المئة، أو على المستوى الدولي في القرار المشترك الذي توصلت إليه الدول الأعضاء في "أوبك" لخفض حصص الانتاج وإعطاء دفعة قوية للأسعار التي ارتفعت حوالى 7 دولارات بين سنتي 1998 و2000، في حين أن الحكومة الكويتية كانت تلمح إلى تقليص المصاريف على الخدمات العامة، نظراً إلى انخفاض أسعار النفط. واعتبرت هذه الأوساط أن موافقة الشيخ سعود على تولي حقيبة وزارية أخرى ستكون بمثابة اعتراف بأنه فشل في هذه الوزارة، في حين أنه نجح. ويرى نواب أن ذلك "حملة علاقات عامة" اطلقها الشيخ سعود للبقاء في منصبه، مشيرين إلى مطالبات لنقابات الصناعة النفطية عبر الصحف الكويتية باستمرار الشيخ سعود في وزارة النفط. والصراع نفسه محتدم على حقيبة التربية التي كان شاغلها الدكتور يوسف الإبراهيم في مسار تصادم مع الإسلاميين، بسبب قانون منع الاختلاط، الذي يرى الإسلاميون أن الإبراهيم يتلكأ في تنفيذه. ورددت مصادر الإسلاميين أمس بحماس اسم الدكتور رشيد الحمد كمرشح لهذه الحقيبة، ويرجح بقاء الإبراهيم، وهو قريب من الشيخ صباح، في التشكيل الحكومي، لكن المعلومات تشير إلى ضغوط للحيلولة دون ايكال حقيبة المال إليه. ويقال إن السفير الكويتي في واشنطن الشيخ محمد الصباح مرشح لحقيبة المال، إذا قبل المشاركة في الوزارة.