سمحت السلطات السودانية امس لأسرة زعيم حزب "المؤتمر الوطني الشعبي" الدكتور حسن الترابي المعتقل منذ الاربعاء، بزيارته في سجن كوبر، لنفي معلومات عن نقله الى جهة غير معروفة، فيما بدأت خطوات عملية لتعليق نشاط الحزب في غضون ايام قليلة. وقادت حملة لعزل الترابي عن انصاره، وربما اتخاذ "اجراءات محاكمة جنائية" في حقه من قادة حزبه معتقلين حالياً. في غضون ذلك، اكدت مصادر في قيادة "المؤتمر الشعبي" في الخارج انها اتفقت مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" بزعامة جون قرنق على تسريع مراحل التفاوض بين الجانبين، في ضوء حملة الاعتقالات التي نفذتها الحكومة ضد قادة الحزب، وعلى رأسهم الترابي. ويعطي قانون الاحزاب والتنظيمات السياسية مسجل الاحزاب سلطة تعليق نشاط الحزب، اذا توافر شرط "الاخلال بالامن واثارة الفتنة واستخدام العنف او التلويح به"، وكذلك سلطة حلّه اذا دينت غالبية قيادته العليا قضائياً، وفي كلا الحالين يمكن الاستئناف ضد قرار مسجل الاحزاب لدى المحكمة الدستورية. وقال احد افراد اسرة الترابي ل"الحياة" انهم زاروه امس في معتقله في سجن كوبر في الخرطوم بحري، ووجدوه في حال صحية جيدة وأبلغهم انه لم يُعامل معاملة سيئة لكنه محتجز في زنزانة منفردة ولم يسمح له بالاطلاع على الصحف او الاستماع الى الاذاعات ومشاهدة التلفزيون. وقادت الحكومة حملة سياسية واعلامية واسعة، بدا ان هدفها عزل الترابي عن انصاره وتحميله مسؤولية توقيع اتفاق مع قرنق باعتبار ذلك "خيانة دينية ووطنية"، وتعليق نشاط حزبه، ودعوة انصاره الى العودة مجدداً الى صفوف الحزب الحاكم. وقطع نواب في البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب الحاكم اجازتهم وعقدوا اجتماعاً امس خُصّص لمناقشة اتفاق الترابي - قرنق. ودان المجتمعون الاتفاق ودعوا السلطات الى "الحسم والعزم"، لكن النائب عباس علي السيد شذّ عن زملائه معتبراً الاتفاق شبيهاً بتفاهم الحكومة مع سبعة فصائل جنوبية عام 1997 اتفاق الخرطوم واتهمها بالتنصل منه، مطالباً بعدم التصعيد. وواصل طلاب من الحزب الحاكم حملتهم المناهضة لاتفاق الترابي وزعيم "الحركة الشعبية" واعتبروه في ندوة في جامعة الخرطوم امس "خيانة لدماء الشهداء وللدين والوطن". وحملوا بعنف على الترابي مرددين هتافات ضده. وافرجت السلطات عن مجموعة من اعضاء "المؤتمر الشعبي" بعدما وُجّهت اليهم اسئلة تتعلق بقبولهم فصل الدين عن الدولة. ودعا وزير الاعلام الدكتور غازي صلاح الدين انصار الترابي الى العودة الى الحزب الحاكم للدفاع عن "المشروع الاسلامي" الذي "جاهدوا" من اجله، محمّلاً الترابي مسؤولية ما يترتب على "مذكرة التفاهم" وامتدح قاعدة "المؤتمر الشعبي". واصدرت مجموعة علماء مؤيدة للحكومة فتوى تتهم الترابي ب"الخروج عن الملّة" وتدعوه الى "التوبة" وتشكك باهداف "مذكرة التفاهم". واظهرت تقارير شبه رسمية ان اتفاق الترابي - قرنق اثار خلافاً واسعاً في اوساط "المؤتمر الشعبي" وابرزت معلومات عن استقالة مسؤول الحزب في ولاية النيل الابيض وانضمامه الى الحزب الحاكم. لكن احد نواب زعيم "المؤتمر" نفى هذه المعلومات، ووصف عبدالله حسن احمد تلك التقارير بأنها "ملفقة" لاثارة بلبلة في اوساط مؤيدي حزبه، مؤكداً "ان المؤتمر الشعبي متماسك ويقف بقوة خلف الترابي". وعلم امس ان "المؤتمر الشعبي" و"الحركة الشعبية" بقيادة قرنق اتفقا على تسريع المفاوضات بينهما، وتقديم موعد لقائهما الثاني على مستوى قادة الحزب الى منتصف الشهر المقبل، على ان تعقد المرحلة الاخيرة التي كان مقرراً ان تضم الترابي وقرنق في 1 ايار مايو وتتوج بتوقيع اتفاق بين الجانبين. ورأت مصادر في قيادة "المؤتمر" في الخارج انه في حال استمر اعتقال الترابي فإن اللقاء سيعقد بين قرنق والامين العام للحزب بالنيابة الدكتور علي الحاج.