شددت الحكومة السودانية أمس حملتها الأمنية والسياسية والديبلوماسية على حزب المؤتمر الوطني الشعبي في خطوة تتجه إلى تجميد نشاطه ومحاكمة قادته، عقب توقيعه "مذكرة تفاهم" مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان". راجع ص5 وراجت معلومات أن السلطات نقلت زعيم الحزب الدكتور حسن الترابي، الذي اعتقل ليل أول من أمس، من سجن كوبر إلى سجن دبك الذي يبعد نحو 50 كيلومتراً شمال الخرطوم، لكن لم يكن ممكناً التحقق من صحتها. واعتقلت السلطات أكثر من 150 من قادة الحزب وناشطيه في الخرطوموالولايات، بينهم مسؤولا الحزب للشؤون الدستورية محمد الحسن الأمين والنقابية خليفة الشيخ مكاوي، ومساعد رئيس الحزب لشؤون الجنوب موسى المك كور، ووزير الدولة للدفاع السابق عمر عبدالمعروف، ومسؤولو الحزب في بعض الولايات الشمالية وكل الولايات الجنوبية. واستولت على مقر الحزب الرئيسي في الخرطوم ومقراته في الولايات، وعطلت صحيفته "رأي الشعب" وفرضت حراسة مشددة على مقرها. ودعا الأمين العام للحزب الحاكم الدكتور إبراهيم أحمد عمر 15 حزباً مسجلاً إلى اجتماع لمناقشة "مذكرة التفاهم"، وأصدر المجتمعون بياناً رفضوا فيه الاتفاق، واعتبروه "اسلوباً غير ديموقراطي، الأمر الذي يترتب عليه اضطراب الأمن وعدم الاستقرار الاجتماعي واجهاض النظام الديموقراطي"، وهما الشرطان اللذان يقران تجميد نشاط الحزب حسب قانون الاحزاب في البلاد، ودعوا مسجل الأحزاب للقيام بما يراه قانونياً في هذا الشأن. واعتبر النائب الأول للرئيس علي عثمان محمد طه توقيع المؤتمر الشعبي اتفاقاً مع "حركة التمرد" خروجاً على الدولة، موضحاً "ان اساس المذكرة الموقعة اسقاط النظام بالقوة". وقال للصحافيين: "إن مذكرة التفاهم تقع تحت طائلة القانون لأنها تدعم "التمرد" واستعمال القوة ضد السودان وحكومته"، مشيراً إلى أن "فصل الدين عن الدولة التقى حوله الجانبان رغم عدم ذكره صراحة في الاتفاق". واستدعى وزير الخارجية الدكتور مصطفى عثمان السفراء العرب لدى الخرطوم في لقاء اطلعهم أثناءه على اتفاق الترابي - قرنق، واعتبر بعض بنوده "خطوطاً حمراً لا تسمح الحكومة بتجاوزها". وكان أنصار الترابي تجمعوا منذ صباح أمس أمام منزله في ضاحية المنشية، مرددين هتافات مناهضة للحكومة. وطوقت قوات الأمن المنزل والمنطقة التي يقع فيها. وقال عضو المكتب القيادي للمؤتمر الشعبي طارق محجوب، لدى مخاطبته المتظاهرين، إن حزبهم "لن يستجيب الاستفزازات ولا يتجه إلى اسقاط الحكومة باسلوب غير شرعي أو التفكير في انقلاب عليها". إلى ذلك، بدا أن اتفاق الترابي - قرنق سيلقي بظلاله على تشكيل الحكومة الجديدة التي بات إعلانها وشيكاً. ويتوقع المراقبون أن يعمل الرئيس عمر البشير على تعيين وجوه عسكرية في الوزارة وحكام الولايات لإحكام قبضته على الأوضاع في البلاد.