} قرر زعيم حزب المؤتمر الوطني الشعبي السوداني المعارض الدكتور حسن الترابي وزعيم "الحركة الشعبية لتحرير السودان" العقيد جون قرنق "تصعيد وسائل المقاومة الشعبية السلمية" حتى "يتخلى النظام عن نهجه الشمولي ويتيح الفرصة للبديل الوطني". واتفقا على منح جنوب السودان "حق تقرير المصير". جاء ذلك في مذكرة تفاهم بين الطرفين وزعها الترابي امس في الخرطوم، ولم يستبعد اجراء اتصالات مماثلة مع الحزب الشيوعي السوداني. أعلن زعيم حزب المؤتمر الوطني الشعبي السوداني المعارض بزعامة الدكتور حسن الترابي ان حزبه وقّع مذكرة تفاهم مع "الحركة الشعبية لتحرير السودان" التي يقودها جون قرنق، في جنيف تدعو الى منح الجنوب حق تقرير المصير وتصعيد المقاومة الشعبية ضد الحكومة، فيما امتنعت الخرطوم عن التعليق على الاتفاق قبل دراسة مضمونه. ووزع الترابي في مؤتمر صحافي عقده امس في الخرطوم نص اتفاق حزبه مع "الحركة الشعبية" الذي يدعو إلى منح الجنوب حق تقرير المصير، وتصعيد وسائل المقاومة الشعبية السلمية للنظام الحاكم حتى يتخلى عن نهجه الشمولي، والعمل لإنهاء الحرب وتحقيق سلام عادل وبناء ديموقراطية حقيقية. وطالبا بالغاء القوانين المقيّدة للحريات ورفع حال الطوارئ واتاحة حرية النشاط السياسي واطلاق المعتقلين السياسيين، وحمل الاتفاق توقيع عمر ابراهيم الترابي والمحبوب عبدالسلام المحبوب عن حزب المؤتمر الشعبي، وعن الحركة باقان اموم وياسر عرمان. وحمل الترابي بشدة على حلفائه السابقين في الحكم ووصفهم بأنهم صاروا حكم "طاغوت" وقوة. وانتقد استمرار فرض حال الطوارئ في وجود برلمان، معتبراً ذلك مخالفة للمادة 134 من الدستور الذي ينص على انتهاء تدابير حال الطوارئ بعد انقضاء ثلاثين يوماً من صدور اعلانها اذا لم يوافق المجلس الوطني البرلمان بقرار على مدّ اجله، ساخراً من عدم انتباه رئيس البرلمان لهذه المسألة. وقال: "الحكم صار طاغوتاً وقوة ولا يأبه بالدستور والقانون". ودافع عن المؤتمر الشعبي الاسلامي الذي يتولى امانته العامة بعد الغاء الحكومة، قبل عام، اتفاق دولة المقر معه، مواصلاً حرب الملفات مع حلفائه السابقين، وكشف ان "شركة مداخل" التي أثارت قضية ممتلكات "المؤتمر الاسلامي" تتبع الاجهزة الامنية ويشرف عليها وزير الدولة في وزارة الداخلية محمد احمد العاص، متهماً السلطات التذرع بالنزاع في شأن السيارات التي يملكها المؤتمر للتضييق على حزبه، مؤكداً ان المؤتمر لا يزال قائماً ويمارس نشاطه. ووصف الترابي قرار حزب الامة عدم المشاركة في السلطة بأنه صائب ويتسق مع مواقفه ازاء الشمولية ورفضه اجراء انتخابات غير حرة. وقال ان حوار حزبه مع حزب الامة لا يزال في "مجالس خاصة" كذلك مع الحزب الاتحادي الديموقراطي. ولم يستبعد اجراء اتصالات مع الحزب الشيوعي، موضحاً ان المؤتمر الشعبي يتفق مع حزب الأمة على إباحة الحريات والتداول السلمي للسلطة، واجراء انتخابات حرة ونزيهة، ويختلف معه في فصل الدين عن الدولة الذي يمكن ان يكون محل اتفاق بين الحكومة وحزب الأمة، وقلّل من شأن الاحزاب المسجلة والحزب الحاكم لافتاً الى انها "أحزاب بلا قواعد". نص المذكرة في اطار السعي الى بلورة اجماع وطني شامل بين كل القوى السياسية السودانية، كمدخل صحيح لتسوية تاريخية وحل سلمي شامل للأزمة الوطنية وكبرى قضايا بلادنا وفي مقدمها انهاء الحرب الأهلية عبر اتفاق سلام عادل وبناء ديموقراطية حقيقية وتوحيد السودان على أسس جديدة عبر ارادة أهله الطوعية. عقد وفدان من المؤتمر الوطني الشعبي والحركة الشعبية لتحرير السودان سلسلة اجتماعات في مدينة جنيف في الفترة من 17 الى 19 شباط فبراير 2001، تعد الأولى من نوعها في ادارة حوار حر ومفتوح على القضايا المصيرية السودانية بين تيارين فكريين وسياسيين فاعلين في الساحة السياسية السودانية يتجاوز اجواء التفاوض السابقة مع النظام. وقد تناولت الاجتماعات مجمل قضايا الأزمة الوطنية والوضع السياسي الراهن وتوصلت الى الآتي: 1- استعرض الجانبان تجارب بلادنا السياسية منذ الاستقلال والوضع السياسي الحالي، واتفق الطرفان على أن المشاريع الاحادية الرؤية للحكم وغياب المشروع الوطني المجمع عليه يشكلان أساس الأزمة الوطنية التي تعمقت ووضعت بلادنا على حافة الانهيار. في ظل النهج الشمولي السلطوي للنظام الحالي والذي استفحل بقرارات 12 كانون الأول ديسمبر 1999 وتماديه في عدم الاعتراف بالأزمة الوطنية والبحث عن حلول سلمية لها. 2- ومن أجل الوصول الى اتفاق سلام عادل وبناء ديموقراطية حقيقية تصون الحريات والحقوق الأساسية وتمكن من التداول السلمي للسلطة، خصوصاً في وجه العدوان على الحقوق الأساسية الذي ينتهجه النظام لا بد من تصعيد وسائل المقاومة الشعبية السلمية حتى يتخلى النظام عن نهجه الشمولي ويتيح الفرصة للبديل الوطني الذي يقره الشعب السوداني وقواه السياسية كافة. 3- يؤكد الطرفان ان السودان بلد متعدد سياسياً ومتنوع دينياً وثقافياً ولا بد من التراضي على عقد اجتماعي جديد لا يسمح بالتمييز بين المواطنين على أساس الدين أو الثقافة أو العرق أو النوع أو الاقليم. 4- يؤكد الطرفان ان حق تقرير المصير حق انساني مشروع وأن وحدة السودان يجب أن تقوم على ارادة أهله الطوعية. وقد دان الطرفان محاولات النظام الأخيرة للتنصل عن حق تقرير المصير بعدما التزمه في المبادرات والاتفاقات السابقة. 5- يؤكد الطرفان ان النهج الانقلابي فاقم الأزمة الوطنية ولم يفلح في الوصول بالسودان الى الحل الوطني الشامل الدائم وان مبدأ المحاسبة على الفساد والجرائم التي ارتكبت أمر مشروع وضروري لمستقبل الحياة العامة ولا بد منه. 6- اتفق الطرفان على أن السودان بتعدده وتنوعه ومساحته الشاسعة لا يمكن ادارته مركزياً ولا بد من صيغة لامركزية للحكم تنهي هيمنة المركز على الهامش وتتوافق مع حاجة الاقليم لادارة نفسها بنفسها وعبر مواطنيها مع أداء المركز لمهماته الوطنية والتزاماته الخارجية. 7- يجمع الطرفان على أن المشروع الوطني السوداني لإنهاء الحرب واتفاق السلام العادل لبناء ديموقراطية حقيقية تضع البلاد على أعتاب الاستقرار يرتكز الى التعاون الاقليمي وعلاقات حسن الجوار والتعاون الدولي وعدم التدخل في شؤون الآخرين واحترام خياراتهم والحرص على الاستقرار الاقليمي والدولي. 8- الحركة الشعبية لتحرير السودان عند التزامها التجمع الوطني الديموقراطي مواثيق ومؤسسات. وترحب برغبة المؤتمر الوطني الشعبي في اجراء حوار بناء مع القوى السياسية الأخرى سعياً الى أرضية مشتركة معها. 9- يطالب الطرفان بالغاء القوانين المقيدة للحريات وعدم سن أخرى جديدة ورفع حال الطوارئ واتاحة الحرية للنشاط السياسي وحرية الصحافة والتعبير واطلاق جميع المعتقلين السياسيين، ويعضدان وقوف القوى السياسية في مواجهة القمع وانتهاكات حقوق الانسان. 10- اتفق الطرفان على برنامج مشترك لتحقيق الأهداف الواردة في مذكرة التفاهم وفق آلية للتنفيذ والمتابعة. وحملت المذكرة توقيع باقان اموم وياسر عرمان عن "الحركة الشعبية" وعمر ابراهيم الترابي والمحبوب عبدالسلام المحبوب عن "المؤتمر الوطني الشعبي".