لم تعرض الوفود الأفغانية الأربعة المشاركة في مؤتمر بون اي تعديلات جوهرية على مسودة الوثيقة الجديدة التي اعدها ممثل الاممالمتحدة في افغانستان الأخضر الإبراهيمي. وباستثناء تعديلين في ديباجة الوثيقة بالإشارة الى الدور الذي لعبه الرئيس الأفغاني المخلوع برهان الدين رباني ودور المجاهدين في محاربة الاحتلال السوفياتي، فإن وثيقة الإبراهيمي التي تعتبر تلخيصا لمداولات الأيام الماضية، بقيت كما كانت في الجوهر. وتنص الوثيقة على أن "المشاركين في حوارات الأممالمتحدة في شأن افغانستان يعملون بحزم على وضع حد للصراع المأسوي الدائر في افغانستان والمباشرة بالوفاق الوطني والسلام الدائم والاستقرار واحترام حقوق الإنسان في البلاد". وتؤكد الوثيقة على أولوية "الاستقلال والسيادة الوطنية ووحدة الأراضي الأفغانية"، وعلى ان الأممالمتحدة سعت الى ان تكون غالبية اطياف الشعب الأفغاني "ممثلة عبر الوفود التي شاركت في مؤتمر بون". وتشير الى أن ما توصلت إليه الأطراف الأفغانية المجتمعة في بون "ليس إلا الخطوة الأولى" في اتجاه "تأسيس حكومة واسعة التمثيل العرقي والطائفي وتكون معبرة عن كل الشعب الأفغاني"، وتؤكد الطابع الموقت لهذه الإدارة وأن عمرها مرتبط بعقد اول اجتماع ل"لويا جيركا الموقت" مجلس الأعيان الذي يفترض ان يعقد في غضون الأشهر الستة المقبلة. وشددت الوثيقة على امتلاك "الإدارة الموقتة" صلاحيات الحكم في افغانستان مباشرة بعد التوقيع، خصوصا "كل الصلاحيات في تمثيل افغانستان في كل المحافل الدولية، بما في ذلك مقعد افغانستان في الأممالمتحدة والوكالات الدولية التابعة لها". واعترافاً بالدور الموحد الذي يمكن ان يلعبه الملك الأفغاني السابق محمد ظاهر شاه، اقر المجتمعون في بون ان يترأس "الجلسة الأولى من اللويا جيركا الموقت الذي ينبغي ان يعقد في غضون الأشهر الستة الأولى من تاريخ تأسيس الإدارة الموقتة". وتفترض الوثيقة الإبراهيمي "الإدارة الموقتة" لمجرد عقد اللوياجيركا الموقت، الذي في إمكانه إقرار صيغة الحكومة الانتقالية "التي يفترض بها ان تشمل اوسع قطاعات الشعب الأفغاني وطوائفه وقيادة افغانستان الى حين انتخاب حكومة كاملة التمثيل". والى جانب تأسيس "الإدارة الموقتة" ووضع الأسس الجوهرية للدعوة الى "اللوياجيركا الموقت"، نصت الوثيقة على تأسيس "اللجنة المستقلة الخاصة التي ستتولى مهمة الدعوة والإعداد ل"اللويا جيركا الموقت". وواضح من خلال المهمات الموضوعة على عاتق هذه اللجنة، انها ستكون بمثابة السلطة التشريعية الموقتة، ويفترض ان تُحدد اسماء اعضائها ال21 من بين لوائح المرشحين التي ستقدمها الوفود الأربعة المشاركة في مؤتمر بون. وتشير الوثيقة الى ان مهمات "اللجنة المستقلة..." تتحدد في "الدعوة للوياجيركا الموقت، والتي ينبغي ان تشكل خلال شهر واحد من تنصيب الإدارة الموقتة" وينبغي ان "يمتلك اعضاؤها خبرات تشريعية وقانونية وأن يكونوا قد اشتركوا في لوياجيركا واحدة على الأقل". وتعطي وثيقة الإبراهيمي اللجنة المستقلة "الصلاحية المطلقة والكلمة الأخيرة في تحديد الأسس والآليات في الدعوة لعقد اللوياجيركا الموقت وعدد اعضائه". وتخصص الوثيقة موقعاً خاصاً للأمم المتحدة والممثل الشخصي للأمين العام الخاص في أفغانستان، إذ تؤكد على أن "الأممالمتحدة باعتبارها منظمة دولية تمتلك دوراً كبير الأهمية في ما يخص الملحق الثاني من هذه الوثيقة"، وهو الملحق الذي يحدد مهمات الرقابة والسهر على تنفيذ ما يُتفق عليه في بون، وهو ما يجعل مرجعية "الإدارة الموقتة" مناطة بالمجتمع الدولي والأممالمتحدة بالتحديد. وتشير الوثيقة الى أن "الممثل الخاص بالأمين العام سيكون مسؤولاً عن كل ما يتعلق بعمل الأممالمتحدة في هذا الصدد"، وأنه "سيراقب ويساعد الأطراف على تطبيق مفردات الاتفاق"، وأن الأممالمتحدة "ستقدم النصائح والملاحظات الضرورية لتوليد الظروف المناسبة لعقد لوياجيركا الموقت"، وان في إمكان "الممثل الشخصي واللجنة المستقلة المكلفة بالدعوة لعقد لوياجيركا الموقت"، وأن "الأممالمتحدة ستمتلك الحق في التحقيق والاستقصاء حول الخروقات ضد حقوق الإنسان وتقديم المقترحات بشأن ما يلزم من اجراءات تصحيحية". وأنها أي الأممالمتحدة ستكون "مسؤولة عن تنمية وتنفيذ برنامج تربوي خاص بحقوق الإنسان ومن اجل تطوير امكانات التعايش المسالم واحترام حقوق الإنسان". الى ذلك تلخص الوثيقة ما انتهت إليه الحوارات التي جرت بين الأطراف الأفغانية في شأن الملف الأمني ووجود قوات حفظ السلام في افغانستان. وأكد ان "المشاركين في المؤتمر يعترفون بضرورة اعادة الأمن والاستقرار في البلاد" وأن هذه المهمة "موكلة الى الأفغان انفسهم". وتشير الى أن "الأطراف التزمت ضمان هذا الأمن بالوسائل المتاحة لديها وبالاعتماد على الأممالمتحدة وأفراد المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المتواجدة في افغانستان". ولغرض التوصل الى ذلك فإن "المشاركين في مؤتمر بون يطلبون مساعدة المجتمع الدولي من اجل دعم السلطة الأفغانية الجديدة على تأسيس وتدريب قوات الأمن الأفغانية الجديدة... وإدراكاً من المجتمعين في بون للفترة التي تتطلبها عملية الإعداد الكاملة لقوات الأمن الأفغانية وإيصالها الى كامل اهليتها فإنهم يتوجهون الى مجلس الأمن الدولي الموافقة على نشر سريع لقوة تابعة للأمم المتحدة"، تكون مهمتها "ضمان الأمن وتطبيق القانون في كابول والمناطق المحيطة بها"، على ان يكون "بإمكانها نشر صلاحياتها على المراكز المدنية والمناطق الأخرى بشكل تدريجي". وتنص الوثيقة ايضا على "التزام المجتمعين في بون سحب كل القطعات العسكرية من كابول والمراكز المدنية الأخرى أو في المناطق التي ستنتشر فيها قوات تابعة للأمم المتحدة، والعمل على نزع سلاح الجماعات المسلحة"، وعلى تأسيس "المحكمة العليا الأفغانية"، لكنها تؤكد ان الإدارة الموقتة لا تمتلك صلاحيات إصدار عفو عمّن يثبت تورطهم بجرائم حرب وخروق انسانية.