في تطور ينذر بافشال جهود الجنرال الأميركي المتقاعد انتوني زيني وإعادة فتح أبواب المواجهة على مصراعيها، شن مسلحون فلسطينيون أمس ثلاث هجمات متزامنة أسفر أحدها عن مقتل 10 إسرائيليين على الأقل. وجاءت الهجمات في أعقاب استشهاد خمسة فلسطينيين فجراً في كمين نصبه الجيش الإسرائيلي لناشطين من "فتح" في قطاع غزة. وسارعت الحكومة الإسرائيلية إلى تحميل السلطة الفلسطينية المسؤولية، وأصدرت الأخيرة بياناً استنكرت فيه الهجمات، فيما دانها البيت الأبيض، ودعا الرئيس ياسر عرفات إلى اتخاذ التدابير الممكنة من أجل وضع حد للإرهاب ضد إسرائيل، وفي الوقت الذي حلق الطيران الإسرائيلي في أجواء رام الله ونابلس، اجتمعت الحكومة الإسرائيلية المصغرة لدرس الرد على الهجمات الفلسطينية. وفي تفاصيل الهجمات، ان مسلحاً فلسطينياً قتل 10 إسرائيليين وجرح 30 آخرين في هجوم استهدف باصاً عند مستوطنة "عمانويل" قرب قلقيلية وتبناه كل من كتائب "شهداء الأقصى" التابعة لحركة "فتح" و"كتائب عز الدين القسام" التابعة ل"حركة المقاومة الاسلامية" حماس. وقالت مصادر المستوطنين ان الهجوم بدأ بتفجير عبوة شديدة القوة وضعت على حافة الطريق ودفعت ركاب الباص الى اخلائه، وعندها بدأ مهاجم باطلاق النار من سلاح رشاش على الركاب وبالقاء قنابل على الباص قبل أن يقتله الإسرائيليون. وفي قطاع غزة، فجر مهاجم فلسطيني نفسه قرب مستوطنة "نيفي دكاليم"، ما أدى الى جرح أربعة إسرائيليين. وعلى بعد أمتار وبفارق دقائق، فجر إنتحاري ثان نفسه داخل تجمع مستوطنات "غوش قطيف" في المنطقة. ويأتي تجدد الهجمات الفلسطينية بعد تجاهل إسرائيل مهلة ال48 ساعة التي حددها المبعوث الأميركي الجنرال المتقاعد أنتوني زيني لوقف إطلاق النار، إذ خرق الجيش التفاهم أكثر من مرة عندما قتل خمسة فلسطينيين وجرح 20 آخرين في مكمن نصبه لناشطين من "فتح" في خان يونس إتهمهم بإطلاق قذائف هاون على المستوطنات في قطاع غزة، وعندما توغل نهاراً في جنين وجرح عشرة أشخاص رغم الهدوء الذي شهدته المدينة أخيراً، وعندما أكد وزير الأمن الداخلي عوزي لانداو استمرار العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين حتى في ظل اللقاءات الأمنية برعاية أميركية. من جانبه، اعتبر الرئيس ياسر عرفات أن الشعب الفلسطيني يتعرض ل"مؤامرة دولية" كبيرة ومتعددة الأطراف. وقال في جلسة "حوار مفتوح" هي الأولى من نوعها مع مئات الفلسطينيين في رام الله: "نحن نخوض ونواجه هذه المعركة بكل ما تعنيه من معان والفاظ ومستويات... لكن نحن لها". وكان مصدر رفيع المستوى في الإدارة الأميركية أكد قبل وقوع الهجمات ان الرئيس جورج بوش لم يتبن سياسة رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون ضد السلطة الفلسطينية، لكنه أبلغ قادة الطائفة اليهودية أنه يتفهم المخاوف الأمنية الإسرائيلية. وقال المصدر ل"الحياة" ان بوش ما يزال ملتزماً العمل لاعادة الطرفين الى عملية السلام وتطبيق "توصيات ميتشل". وزاد ان بوش عبر عن تفهمه للحزن الذي تسببت به العمليات الانتحارية في إسرائيل. وفي السياق نفسه، أكد المفوض الاوروبي للعلاقات الخارجية كريس باتن امام البرلمان الاوروبي في ستراسبورغ ان السلطة الفلسطينية هي "الهيئة الوحيدة" القادرة على ضمان الامن للفلسطينيين والاسرائيليين. وأوضح: "اذا تم تفكيك السلطة سنجد انفسنا امام فوضى حقيقية وستستغل ذلك حماس والجهاد. من العبث التفكير انه عبر تمويل السلطة نمول الارهاب. ان العكس هو صحيح".