تربعت على عرش القرن العشرين غناءً، واحتلت روائعها حتى اليوم صدارة المبيعات في مواجهة معظم المطربين المعاصرين والراحلين، وشغلت قصة حياتها فضائيات العالم العربي. وها هي بعد أكثر من ربع قرن على غيابها، تُطلّ من نافذة جديدة على العصر في سبع اسطوانات دي.في.دي تضم المسلسل التلفزيوني الذي حمل اسمها، وأربعاً من أكثر حفلاتها الغنائية شعبية، وصوراً لها غير منشورة: "أم كلثوم" سجلت العام 1925 أولى أغنياتها بالصوت فقط على اسطوانة، وتظهر بعد 76 عاماً، صوتاً وصورة ونبضاً... كما التكنولوجيا شاءت. الممثلة المصرية صابرين التي لعبت دور "كوكب الشرق" في مسلسل "أم كلثوم"، اعتزلت التمثيل بعد أشهر من عرض المسلسل. وقبل ذلك رفضت مرات ان تلقب ب"تومة" أو "بالنجمة الكبيرة" بعد نجاح المسلسل، وغادرت بلا ضجيج الى هدوء عزلتها الطوعية أولاً، لأنها قالت يومذاك أنها ستلتزم بيتها لإنجاب مولودها الثاني ورعايته. ولكن لم يمض وقت طويل حتى انتقلت من عزلة الأضواء والتمثيل الى الاعتزال النهائي، ومن ثم التحجّب... لكن العمل نفسه لم "يعتزل" جذبَ اعجاب الجمهور فعرضَته فضائيات عربية، ثانية وثالثة الى ان اختارته شركة "صباح للإعلام" اللبنانية بداية اطلاق تقنيتها في حفظ الأعمال الفنية بطريقة الD.V.D. التي تتميز بنوعية فائقة التطور صوتاً وصورة، إضافة الى إمكان تخزين معلومات كثيرة حول العمل كالترجمة والدبلجة الى لغات عدة. فبعد مفاوضات وتقديم عروض الى التلفزيون المصري تمكنت الشركة من الفوز بحقوق توزيع المسلسل على أسطوانات D.V.D. في العالم العربي وأوروبا وأميركا. وانطلقت من ثم مرحلة تجهيز العمل الذي قال ممثل الشركة صادق صباح انها استغرقت اكثر من سنة "قابلنا خلالها مخرجة العمل انعام محمد علي، كما تحدثنا الى ابطاله محاولين إغناءه بكل ما يضيف تميزاً جميلاً". وبعد استشارات ودراسات اختار القيمون على العمل اربع حفلات غنائية لأم كلثوم، صنّفها خبراء مصريون على أنها الأكثر جماهيرية كي تنضمّ الى العمل، على أن تكون كل منها لأحد العمالقة الذين لحّنوا لكوكب الشرق فاختاروا: "الأطلال" و"يا مسهرني" و"سيرة الحب" و"أنت عمري" لمحمد عبدالوهاب ورياض السنباطي وسيد مكاوي وبليغ حمدي. ويقول القائمون على المشروع انهم فخورون في انهم كانوا سباقين الى حفظ جزء وإن صغير في ما تمثله السيدة التي طبعت القرن العشرين فنياً بالكثير من الروائع. أما تقنية العمل فتسمح كذلك بالاطلاع على مراحل حياتها بالتقطيع الزمني البسيط، إذ يكفي مثلاً ان يذكر المشاهد العام 1965، ليعرض المسلسل احداث حياة ام كلثوم في تلك الحقبة تحديداً... ولكن كما قدمتها المخرجة إنعام محمد علي وجسدتها صابرين التي نالت عن دورها في المسلسل "جائزة المرأة العربية" في شباط فبراير 2000. "أم كلثوم" على اسطوانات D.V.D. سيترجم الى الفرنسية والإنكليزية لتوزيعه في اوروبا وأميركا. والموزّعون يؤكدون أنه منفذ بالتقنية ذاتها التي خلد فيها الغرب روائع عمالقته. ولأن هذه التقنية لم تبلغ سنتين من العمر في العالم العربي يعترف أرباب العمل انهم استوحوا الكثير من الخبرة العالمية في هذا المجال. وسبق كل ذلك دراسة اتجاهات السوق العربية من ناحية الصدى الذي تركه مسلسل "أم كلثوم" لدى الجمهور العربي، إضافة الى جمع معطيات عن درجة الإقبال حتى اليوم على سماع اغنيات كوكب الشرق، وعن نسبة المستفيدين من تقنية الD.V.D. في العالم العربي. كل ذلك سمح للقائمين على العمل بتقديمه بالصورة الحاضرة، ومذيّلاً بعشرين صورة فوتوغرافية نادرة للسيدة ام كلثوم، توزعت على غلاف الأسطوانات السبعة التي تضمّ كل منها ست حلقات من المسلسل، وعلى الصفحات الداخلية للبرنامج. وتُوّجت كلها بفقرات عن كواليس المسلسل، وأخرى عن نجومه الرئيسيين. ويمكن مشاهدة العمل بواسطة الكومبيوتر المجهّز بتقنية D.V.D.Rom وليس ال C.D.Rom. وإن تعذّر على "كوكب الشرق" التي انتُخبت اكثر من مرة نقيبة للموسيقيين في مصر ان تبدي رأىاً في العمل، فإن عشاقاً لها بالملايين قد يتولّون المهمة... وفي كل حال هناك من يقول ان ام كلثوم التي عرفت بصوتها كيف تتواصل مع جيل عصرها، وكل الأجيال التي تعاقبت بعد ذلك، لن تحتاج الى جهود كثيرة للمحافظة على هذا التواصل حتى بعد مرور 26 عاماً على غياب جسدها وحضور فنّها. وكأنها لم تتوقف لحظة عن العطاء والتفاعل مع جماهيرها كلها، أو كأنها ملكت وحدها كلمة سر كل ذلك! وبصرف النظر عن القيمة الفنية للمسلسل الذي عرض لقصة حياتها، فإنه حقق صدى شعبياً كبيراً، ما شجّع المهتمين على تثمير هذه الجماهيرية. ويقول القائمون على تجربة الD.V.D. الأخيرة انها ستفتح لهم آفاقاً جديدة وخصوصاً في مجال حفظ التراث الفني لعمالقة الفن العربي. وهناك مفاوضات تجرى مع السيدة فيروز في السياق نفسه قد تكون باكورتها الأولى تقديم حفلتها في لاس فيغاس الأميركية، بالتقنية نفسها...