تتعرض الادارة الاميركية لحملة من الجمعيات اليهودية المؤيدة لإسرائيل وأنصار الدولة العبرية في الكونغرس، من اجل استخلاص مواقف تصب في مصلحة اسرائيل، في وقت تسعى الادارة إلى حشد أكبر عدد من الدول العربية والاسلامية في الحرب على الارهاب الدولي. وحاولت اسرائيل منذ اليوم الأول استغلال احداث 11 ايلول سبتمبر في أميركا من أجل الربط بين ما حصل في نيويوركوواشنطن، وما تتعرض له الدولة العبرية من عمليات انتحارية تنفذها "حماس" و"الجهاد الاسلامي". وعلى رغم أن الادارة تعتبر هذه المنظمات "ارهابية" إلا أنها كانت حاسمة في سياستها والتشديد على أنها تركز الآن على تنظيم "القاعدة" بزعامة أسامة بن لادن. وتزايدت الحساسية الاسرائيلية حين كررت واشنطن معارضتها سياسة الاغتيالات التي تنتهجها اسرائيل بحجة "الدفاع عن النفس بوسائل وقائية". وتحاول الجمعيات الاسرائيلية في الولاياتالمتحدة المقارنة بين ما تفعله الدولة العبرية بحق قادة الانتفاضة، وبين محاولة الولاياتالمتحدة القضاء على قادة "طالبان" وتنظيم "القاعدة" وأسامة بن لادن. لكن المقارنة بين الحالين تصطدم بمعارضة قوية من ادارة الرئيس جورج بوش، التي ترفض بشدة المقارنة بين ما فعله تنظيم "القاعدة" في نيويورك، وما يجري بين الفلسطينيين واسرائيل. وكانت مقارنة رئيس الوزراء ارييل شارون بين الرئيس ياسر عرفات وبن لادن اغضبت واشنطن، حين قال شارون ان "لاسرائيل بن لادن اسمه ياسر عرفات". موقف الادارة لا يحظى بتأييد اعضاء في الكونغرس، تحديداً لجنة العلاقات الدولية التي يعرف عن معظم اعضائها تأييدهم لإسرائيل. ففي جلسة استماع سأل اكثر المتشددين في تأييدهم لإسرائيل مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الاوسط وليام بيرنز في حال استطاع احد الطيارين الاميركيين إلقاء "قنبلة ذكية" واصابة بن لادن هل يحصل على ميدالية، فيما تتعرض اسرائيل لانتقادات من وزارة الخارجية لنجاحها في وضع حد لحياة فلسطيني نظم وأدار اغتيال 22 اسرائيلياً. ووصف لانتوس موقف وزارة الخارجية ب"النفاق". ورد بيرنز بتأكيد سياسة الولاياتالمتحدة التي تهدف إلى التوصل إلى سلام دائم وعادل وشامل بين العرب واسرائيل، والحفاظ على التفوق العسكري النوعي لإسرائيل، وابقاء علاقة قوية مع "شركائنا العرب، والحفاظ على السلام والاستقرار في المنطقة". وكرر موقف الادارة الداعي الى "حض الفلسطينيين على عدم ارضاء الارهابيين واستغلال الفرصة لوقف العنف وتطبيق توصيات ميتشل وخطة تينت". وكرر النائب أكيرمان السوا الاشارة إلى عدم ثبات السياسة الأميركية وما اذا كان هناك نوع من النفاق حين تنتقد الولاياتالمتحدة اسرائيل لانتهاج سياسة الاغتيالات، مستعملاً كلاماً نابياً بحق الذين نفذوا عملية القدس التي استهدفت مطعماً للبيتزا. وثار اكيرمان حين قال بيرنز ان الهدف هو "ايجاد طريقة لوقف العنف، وهذا يحصل فقط نتيجة جهد بنسبة 100 في المئة من السلطة الفلسطينية". ورد على بيرنز متسائلاً: "لماذا لا نطلب من السلطات الأفغانية فعل الشيء ذاته، من دون اللجوء الى قصفهم ومحاولة استهداف بعض الاشخاص". وقال اكيرمان انه يعتقد ان السياسة الاميركية "غير ثابتة ومنافقة حين تقول إن الاسرائيليين لا يحق لهم فعل الشيء ذاته بحق ... الذين يقتلون شعبهم، فيما نسمح لأنفسنا بأن نفعل ذلك بحق ... الذين يقتلون شعبنا". وتهرب بيرنز من الاجابة قائلاً: "لا يوجد أي تبرير لأعمال العنف والارهاب التي شهدناها". ووجه لانتوس تحذيراً مبطناً إلى بيرنز، حين قال له إنه على مدى 21 سنة لوجوده في لجنة العلاقات الدولية "مر العديد من مساعدي وزراء الخارجية الذين حظوا باحترام اللجنة، لاستعدادهم لاحترام ذكائها"، مشيراً بذلك الى لورينس ايغلبرغر مساعد وزير الخارجية السابق. واضاف ان عدداً من مساعدي وزارة الخارجية حاول "الرقص حول القضايا"، ولم يجاوبوا على الأسئلة وكانوا يحاولون التهرب مما دفع أعضاء اللجنة إلى التوقف عن الاستماع اليهم. وتمنى لانتوس على بيرنز أن يحذو حذو ايغلبرغر. ومن المقرر ان يفد عدد من المسؤولين الاسرائيليين الى واشنطن في الأيام المقبلة للمشاركة في عدد من نشاطات الجمعيات اليهودية. وسيزور وزير الخارجية شمعون بيريز واشنطن مطلع الاسبوع المقبل، ويلتقي نظيره الأميركي كولن باول. ومن المقرر أن يجري دان مريدور محادثات في واشنطن الاسبوع المقبل. والتقى أمس رئيس إحدى المنظمات اليهودية ايب فوكسمان، مسؤولين في البيت الابيض، أكدوا له، كما أفادت مصادر مطلعة "متانة" العلاقات الاميركية - الاسرائيلية، وان الولاياتالمتحدة لا تسعى الى ارضاء العرب على حساب الدولة العبرية.