وصف الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي اللذان بدءا مفاوضات ماراثونية في منتجع طابا المصرية ليل أول من أمس أجواء التفاوض بالإيجابية. وكان الجانبان عقدا أولاً جلسة عامة اتفقا خلالها على تشكيل لجنتين، الأولى تدرس مسائل الحدود والقدس والأمن بينما تختص الثانية بحث مسألة اللاجئين. وبدأت اللجنتان عملهما فعلاً في جلسة عمل أولى اعتباراً من التاسعة وحتى الواحدة من ظهر أمس بالتوقيت المحلي. وغادر طاقم التفاوض الإسرائيلي المنتجع عائداً إلى إيلات قبل أن يرجع مجدداً إلى طابا بعد الظهر لاستنئناف عمل اللجنتين. ويتردد أن طاقم التفاوض الإسرائيلي يجري اتصالات أولاً بأول من ايلات مع مكتب رئيس الحكومة ايهود باراك بهدف تقويم ما تم من ترتيبات تمهيدية مع الطاقم الفلسطيني المماثل. ويذكر أن الوفد الإسرائيلي يقيم في إيلات المجاورة ويأتي بالسيارات إلى فندق "هيلتون طابا" حيث تجرى المفاوضات ويقيم الطاقم الفلسطيني. وبدا واضحاً أن الطرفين اتفقا على عدم مناقشة تفاصيل مع وسائل الإعلام باستثناء انطباعات عامة حرص الجانبان على أن تكون مشجعة. ونسبت وكالة "فرانس برس" إلى وزير السياحة الإسرائيلي رئيس الأركان السابق أمنون شاحاك قوله إن المفاوضات تجري وسط أجواء جدية للغاية، مضيفاً أن القضايا تبحث في العمق. وأجاب شاحاك "بالطبع" رداً على سؤال عما اذا كان يأمل شيئاً من المفاوضات. وبدوره أكد وزير العدل الإسرائيلي يوسي بيلين أن المفاوضات تتمتع بالجدية. وحسب مصدر إسرائيلي تحدث ل "فرانس برس" فإن لجنة اللاجئين تضم وزير التخطيط والتعاون الدولي الفلسطيني الدكتور نبيل شعث وبيلين، وتضم لجنة الأمن والقدس والحدود رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني أحمد قريع ورئيس جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة العقيد محمد دحلان وعن الجانب الإسرائيلي وزير الخارجية شلومو بن عامي وشاحاك. وأشارت مصادر إسرائيلية إلى احتمال أن تتفرع اللجنتان إلى لجان عدة. وعلى رغم أن بن عامي لم يستبعد الوصول إلى اتفاق إلا أنه قال ل"رويترز" إن الفجوات ما زالت قائمة، وأشار إلى أن الفلسطينيين لم يتوصلوا الى قرارات ونتائج إلا في اللحظة الأخيرة خلال السنوات السبع الماضية، واللحظة الأخيرة - هذه المرة - قبل الانتخابات الاسرائيلية مباشرة. وعلى رغم ذلك تبدو فرص التوصل إلى اتفاق ضئيلة. وقال مصدر سياسي اسرائيلي قريب من المفاوضات ل"رويترز" ان باراك لن يقدم المزيد من التنازلات للفلسطينيين، إذ ان هذه لن تكون خطوة ملائمة عشية الانتخابات، مضيفاً ان على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات "ان يقرر ما اذا كان يريد اتخاذ خطوات بعيدة المدى في مواجهة احتمال ان يصير ارييل شارون رئيساً للوزراء". وزاد المصدر الاسرائيلي: "ما دمنا لا نعرف أي مرونة واضحة في موقف عرفات فإننا نعتبر فرص تحقيق انفراج ضئيلة جداً". وقال المفاوض الفلسطيني صائب عريقات ان الفجوات ما زالت متسعة. واضاف: "لدينا مشكلات كبيرة في ما يتعلق بالقدس ومشكلات كبيرة في ما يتعلق بالارض وخلافات ومشكلات كبيرة في ما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات والأمن". وتبادل الجانبان في بداية جلسة العمل العامة أول من أمس اللاءات الإسرائيلية والفلسطينية ولكنهم في الوقت نفسه بدأوا مفاوضات جادة. ويشي بذلك حجم طاقمي التفاوض ومستواهما الذي لا يمكن وصفه إلا بالرفيع الذي يضم وزراء وخبراء التفاوض والخرائط والقانونيين. وفي القاهرة أكد عضو البرلمان الإسرائيلي عزمي بشارة أن مفاوضات طابا مستمرة من دون أمل، وقال إنه لا يرى أنها سجلت تطوراً في عملية السلام. ولاحظ انها بمثابة استمرار للمفاوضات لكي تحافظ على استمراريتها فقط لتفادي نشوء أزمة قبل الانتخابات. وقال: "حتى إذا وصل ارييل شارون إلى السلطة ستكون المفاوضات قائمة". وتوقع بشارة، الذي يشارك في ندوة عربية عن النظام الداخلي في اسرائيل وتأثيره في سياستها الخارجية، فوز اليمين الإسرائيلي بزعامة شارون في الانتخابات المقبلة، وأكد أن شارون أسوأ من باراك ووضع نفسه في مأزق مع المتدينين والعلمانيين واليسار، خصوصاً بعد الانتفاضة وفشل خطة السلام التي اقترحها من البداية مع سورية ثم مع الفلسطينيين، وكذلك صراعاته داخل حزب العمل التي أدت إلى تأزيم علاقته مع الحزب.