تبدو فكرة "تلفزيون العائلة العربية" فكرة ضرورية ومطلوبة في عالم غزو البث الفضائي الذي يقتحم البيت العربي والبنية الأخلاقية العربية من دون استئذان! وقد سعت محطة "قناة البحرين الفضائية" الى تحقيق نموذج خاص يحاكي هذا الشعار، ثم فاجأت الأطفال العرب ببث تجريبي أخّاذ تحت عنوان: space toon البث التجريبي والتي رفعت شعاراً مهماً هو: قناة شباب المستقبل! وبعبارة بسيطة، تقدمت قناة البحرين بمشروع عربي لا بد من التوقف عنده وتقويم أدائه من بوابة النقد البناء، وهو يتساوق مع تقدم الأداء الاعلامي العربي ويتفاعل إيجاباً مع ضرورات العصر. وليس من السهل قط تغطية مساحة البث الفضائي الخاص بالأطفال تساوي مساحة بث كامل لقناة فضائية عادية. فبرامج القناة الفضائية العادية تساوي: كل البرامج التي تبث بما فيها برامج الأطفال. أما برامج قناة فضائية خاصة بالأطفال فإنها تساوي: برامج الأطفال ناقصة كل البرامج الأخرى التي تبث للمستويات المتباينة! وفي هذه الحال، أقدمت قناة البحرين الفضائية على مغامرة تسجل لها باحترام. فهل نتعاون مع هذه المغامرة لتصبح واقعاً فاعلاً، أم ننتظر نتائجها ونحن في موقع المراقب فقط؟! وإذا كان من المفيد التفاعل مع هذه التجربة، فما الذي يؤخذ على هذه القناة التجريبية، وما الذي يدفعنا الى الاهتمام بها؟! جذبت قناة Space toon قناة شباب المستقبل الأطفال العرب، من مختلف المراحل العمرية التي يصنفون ضمنها، إذ يتجمعون لمشاهدتها من سن الثالثة وصولاً الى مرحلة المراهقة والتي قد تصل الى الخامسة عشرة. وهذا يعني ببساطة انها استقطبت مختلف أجيال الأطفال الذين سيواجهون الحياة الواقعية بعد سنوات معدودة. ولا داعي لذكر عوامل الجذب المعتادة في هذا السياق، بل من المفيد التوقف عند بعض العوامل الايجابية، ثم التعريج على بعض المحاذير والمخاطر. فمن ايجابيات هذه القناة: انها قناة اختصاصية موجهة تبنّت مباشرة وثيقة، مخاطبة شرائح خطرة من المشاهدين الأطفال. تنوع آليات الأداء البصري والدرامي فيها، بدءاً من الأغنية، وصولاً الى الفيلم العلمي وأفلام الرسوم المتحركة والألعاب وغيرها. التوجه العام والمبسط في اتجاه العلوم الضرورية من خلال فكرة الكواكب: كوكب الرياضة - كوكب العلوم - كوكب الضحك - كوكب التاريخ.... تقديم ارشادات Inserts الى الطفل يتقبلها على رغم انشغاله بالايقاعات الدرامية والصوتية الجذابة، ومن هذه الارشادات: أ - الضحك ممتع ومفيد ولكن علينا ألا نقبله رفيقاً في كل الأمور. ب - بعض مشاهد هذا الفيلم خيالية. تقديم أغانٍ مبسطة الى الأطفال تحمل معاني مهمة، مثل أغنية البحر والطفل والصدفة: أمام البحر قد وقف / صبيّ يجمع الصدف... وفي هذه الاغنية صور للأعماق الساحرة في البحر، والطفل يغوص في فقاعة! وأيضاً، اغنية: الصداقة خير هدية. تنمية الخيال عند الأطفال والتنبيه تعليمياً الى بعض المعطيات. تفنيد ايجابيات "قناة شباب المستقبل" يعود اساساً الى الدراسات والإعداد الجيد لانطلاقتها على هذا النحو. ولكن، وعلى اعتبار أنها في مرحلة "البث التجريبي"، فمن المفترض الاشارة الى بعض المحاذير والعقبات التي قد تنشأ أثناء عملها المستقبلي... ومن هذه المحاذير والمعطيات التي تدعونا الى الاشارة اليها: اعتماد "أفلام الكرتون" في شكل أساسي، وهي مسألة لن تكون سلبية، لو لم تحمل هذه القناة ودفعة واحدة، هموم أفلام الرسوم المتحركة المدبلجة ومشكلاتها، وهي أساساً ليست للطفل العربي. وهذه مسألة دار الحديث عليها كثيراً، وأعدت دراسات ومسابقات لابتكار شخصية كرتونية عربية توافق حاجاتنا وتصوراتنا لمستقبل أطفالنا. ومن مشكلات الرسوم المتحركة: أ - الضجيج الدائم نتيجة المؤثرات الصوتية. ب - اعتماد أكثرها أعمال العنف واللصوصية والوحشية. ج - تستنطق شخصيات ذات طابع غربي بمنطق عربي. إذ لا يمكن شخصية "بوباي" مثلاً، ولا لشخصيتي "توم وجيري"، أداء دور يحمل مواضيع عربية. وقت البث: ربطت هذه القناة الأطفال الى عروضها ساعات طويلة دفعة واحدة تتخللها فواصل breaks ذات جاذبية اعلانية تشدهم أكثر الى المتابعة. وإذا كان هذا يعتبر نجاحاً في لغة الاعلان والاثارة و"الأكشن"، فإن الطفل يبقى في حال استنفار تتعب حواسه وتجعله في منأى عن واجباته وحقوقه الأخرى، كالدراسة واللعب...! وهنا لماذا لا تمتد هذه الفواصل مدة أطول تتيح للأسرة وللطفل على السواء التهيؤ لحال جديدة مناسبة؟! الافتقار الى برامج مصورة للأطفال خصوصاً بالقناة المذكورة، يمكن من خلالها تغطية النواقص التي تفتقر اليها المواد الأخرى. وبينها: أ - هوايات المراسلة. ب - أعياد الميلاد. ج - الهوايات الفنية: رسم، غناء... د - حكايات من التاريخ العربي. فكرة "تلفزيون العائلة" تحتاج الى مواكبة اعلامية ونقدية على أرضية السعي المشترك الى بناء وجهة نظر علمية وواقعية لمخاطبة المتلقي وخصوصاً الطفل والتعامل مع قناعاته ومستوياته وحضارته وقيمه تعاملاً إيجابياً بناء، وعندها تبدو أي تجربة عربية اعلامية جديرة بالاستمرار والديمومة والاندفاع الى الأقصى، في تقديم رسالتها الاخلاقية والتربوية.