ربما بدا المشهد غريباً،لكنها حقيقة تونسية مرّة... المدرب يوسف البنزرتي الذي توج مع بطل تونس بأكثر من لقب محلي وقاري يقذف بأبشع الشتائم في حفل تسلم "تاج" الدوري ويغيب عن الجلسة السنوية لشيخ الأندية التونسية، والأهم من ذلك وبعد أن مكن الترجي التونسي من امتلاك التاج الى الأبد يقذف به خارجاً عبر "النافذة" ليتعاقد الترجي للموسم المقبل الذي يبدأ باكراً وتحديداً في 12 آب اغسطس المقبل مع العجوز البولوني طوني بيتشنزاك. المدرب الشاب خالد بن يحيى والذي يعد واحداً من أفضل المدربين الشبان في تونس وأحد أعمدة مستقبلها، يحفظ ماء وجهه ويقطع علاقته بالنادي الصفاقسي التي استمرت لموسم واحد حيث أنجز عملاً جباراً عبر تصعيده لجيل الشباب وفرضه الانضباط. لكن من أجل عيون الابن المدلل للمدينة اسكندر السويح يفرط الصفاقسي - الذي تنتظره مواعيد مهمة في البطولة العربية في السعودية في نهاية الشهر المقبل والتصفيات الافريقية - في خالد بن يحيى ويلهث وراء الأجانب ويوقع عقداً مع البرازيلي أوسكار فيلوني القادم من المغرب والمتوج بالبطولات والكؤوس. لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه الأندية، فقد "هرب" فيلوني نحو نادي العين الاماراتي الذي أغراه بعقد "خيالي"، فاستمر مسلسل البحث عن العصفور النادر الأجنبي والذي يرجح أن يكون يوغوسلافياً. واستمرت بذلك أزمة الصفاقسي حيث تمكن "السويح" وعصابته من الاطاحة بالمدرب وخيرة اللاعبين وأبرزهم سامي الطرابلسي الذي عبر عن رغبته في اللعب مع النجمة الحمراء بل كادت "عصابة الأربعة" أن تطيح برئيس النادي لطفي عبدالناصر لولا تدخل من أعلى الهرم في تونس. وبعد ان تمكن الترجي التونسي من "افتكاك" العجوز بيتشنزاك بعد موسم اكثر من صعب مع الافريقي، يحاول الافارقة النزول أمام رغبات الفرنسي العائد رينيه ايكسبريا الذي اصطحب معه أحلى الذكريات ويكفيه بأنه المدرب الوحيد الذي هزم الترجي قبل 3 سنوات. لكن "الثعلب" ايكسبريا يدرك جيداً وضعية الافريقي وحاجته الملحة الى خدماته ففرض شروطاً مالية عالية ستزيد من العجز المالي للنادي وربما لن تنقذه بما ان ازمة الافريقي عميقة وتتمثل في عدم قدرته على التكيف مع مرحلة الاحتراف وليس في قيمة المدرب محلياً كان أم أجنبياً. ويبدو أن النجم الساحلي مثل الاستثناء الوحيد في فتنة الأندية الكبار بالمدربين الأجانب وعدم اعترافها بالجميل للمحلي، فقد جدّد عقده مع المدرب لطفي البنزرتي للموسم الثالث على التوالي وهو الذي أسس النجمة الحمراء في ثوبها الاحترافي الجديد وتمكن من فرض الانضباط وتحصيل انتدابات جيدة وبيع صفقات مهمة لعل آخرها اللاعب رياض البوعزيزي نحو تركيا. في بداية الموسم الماضي كان الشعار المرفوع "هلا بالمحلي ووداعاً للأجنبي"، لكن الصورة تبدو مقلوبة للموسم المقبل بالنسبة الى اندية كبار الكرة التونسية وصغارها، فشبيبة القيروان جددت عقدها مع اليوغوسلافي تيموتي دافيدوفيتش الذي قهر الكبار في القيروان. واتحاد المنستير تعاقد مع الجزائري علي الفرقاني وترجي جرجيس مع الفرنسي من أصل برتغالي أفيليون والذي يبلغ من العمر 37 عاماً! وكان سقط في اختبار اللعب مع النادي سابقاً كلاعب!؟ أما بقية الأندية فقد أعادت مدربيها المحليين مثل علي السلمي للملعب التونسي ومنذر الكبير للنادي البنزرتي وعمار السويح لنادي حمام الأنف، واذ اختلفت أسباب العادة وتجديد الثقة لهذه الأندية فإن للعامل المالي دوراً مهماً في ذلك... ولكن عسى ألاّ يكون مصيرها القذف من "الشباك" مثلما حصل للمدرب يوسف الزواوي الأكثر تتويجاً في تاريخ كرة القدم التونسية.