اعلنت اندية كرة القدم التونسية اسماء مدربيها للدوري المقبل 1999- 2000 وهو الموسم الاول الذي سيشهد تطبيق الاحتراف الكامل... ومن جملة 12 نادياً اختارت 6 اندية مدربين محليين. وفي انتظار معرفة توجهات بقية الاندية، قبل شهر من بداية الدوري، فان النادي الصفاقسي فضل الاحتفاظ بالبرازيلي دوس سانتوس، وواصل الجزائري علي الفرقاني مشواره مع الاولمبي الباجي. وبما ان سانتوس اصبح تونسي الهوى، بعد ان عايش التوانسة من سوسة الى عاصمة الجنوب صفاقس لأكثر من 5 سنوات، وحيث ان اقسى مسافة بين عنابة الجزائرية وباجة التونسية لا تتجاوز ال100 كلم، فإن الدوري الجديد سيكون على مستوى طاقمه الفني تونسياً، دماً وهوى… وارتأى الترجي الرياضي، صاحب ثنائية الموسم الماضي، تثبيت مدربه يوسف الزواوي للموسم الثالث على التوالي، ويبدو ذلك طبيعياً، لأن صفوف الفريق المنتصر لا تتغير حسب المثل الفرنسي. واحرز الزواوي مع فريقه بطولتي الدوري وكأس تونس وتتويجين افريقيين، والاهم من ذلك على ثقة الرجل القوي سليم شيبوب. وبعدما اختبر اكثر من اجنبي، من سانتونس البرازيلي الى فرنانديز الفرنسي، اختار عثمان جنيح رئيس النجم الساحلي المدرسة التونسية مع مدرب ابرز كفاءة عالية في ادارة فريق الاتحاد المنستيري الموسم الماضي، هو لطفي البنزرتي الذي لن ينتقل سوى 25 كلم هي المسافة بين المنستيروسوسة. اما شقيقه فوزي البنزرتي فقد جدد العهد مع الاندية التونسية بعد تجربة ناجحة في الخليج العربي. ورغم فشله في الحصول على الكأس فإن النادي الافريقي فضل بقاء فوزي معه لما عُرف عنه من احترام لعمله، ومعرفته بعقلية اللاعب التونسي وطريقة التعامل معه وتعطشه اللامحدود للاضواء، اضواء التتويجات والبطولات والكؤوس. ومع ان يوسف الزواوي اصبح قيمة ثابتة في بورصة المدربين في تونس، فإن عمر الذيب مدرب البنزرتي استطاع ان يفرض لونه وطريقته. ورغم طبعه الحاد، فإن الذيب استطاع ان يُظهر فريقاً بنزرتياً جديداً، ووفى بما وعد في بداية الدوري: احتلال المركز الثاني. فكان له ذلك. ويتردد هذه الايام انه يهمس في آذان اللاعبين رغبته في الأميرة - البطولة في الموسم الجديد... فهل يحقق ذلك ويحيل الترجي الى الاسفل؟ اما عاصمة الأغالبة، فقد حافظت على ابنها عثمان الشهايبي، وهو لاعب سابق في شبيبة القيروان. وقد استطاع هذا المدرب الشاب ان يحافظ على النادي ضمن مجموعة التتويج ويصل به الى الدور نصف النهائي للكأس. وينتمي الشهايبي الى جيل الشباب من المدربين التوانسة. ويبدو ان مستقبلاً واعداً ينتظر هؤلاء الشباب... فالمدرب خالد بن يحيى، لاعب الترجي والمنتخب سابقاً كاد يأخذ مكان الايطالي سكوليو، لولا عقدة "الشباب"، وكان نجح قبل ذلك في الحصول على الكأس مع الترجي سنة 1997، وحقق نتائج جيدة مع ترجي جرجيس، وقدم درساً اخلاقياً رفيعاً عندما غادر مستقبل المرسى في منتصف الموسم الماضي بما ان رئاسة النادي لم تدفع رواتب اللاعبين، والتزم بأن لا يدرب أي نادٍ محلي وأجنبي حتى نهاية الموسم. ورغم البداية الصعبة، فإن لاعب الافريقي سابقاً نبيل معلول مدرب الكاف لا يزال مطلوباً في سوق المدربين... وكان هذا الشاب معروفاً بحذقه لاصول المهنة. وحصوله على افضل الدرجات في امتحان الدرجة الثانية يثبت ذلك. ومن جيل "الارجنتين" تخرجت سلالة متميزة من الطاقات الفنية مثل كمال الشبلي وعلي الكعبي الذي حقق نتائج ممتازة خاصة مع النجم الخلادي والمختار النايلي مدرب حراس المنتخب حالياً. وتشهد تونس في نهاية هذا القرن حركة اقتصادية وتنموية مهمة، وتسعى السلطات لتأهيل المؤسسات لاستحقاقات الاندماج الاقليمي و"غول" العولمة، وذلك عبر برامج تحسين الجودة وشهادات المواصفات ودعم التكوين المتواصل للمواد البشرية. ويبدو ان اللقطة الاعلانية التي تدعو الى استهلاك المنتوج التونسي من خلال عبارة "قتلكش، اللي في عينك حلا موش كان من برّة جاء"، اعجبت التوانسة واصبحوا يتداولونها في انتظار تداولهم البضاعة التونسية، علماً بأن ثقة التونسي ما زالت تميل الى المستورد من وراء البحار رغم ان جيل الشباب بدأ يتقلد المسؤوليات الاولى في المؤسسات. ويبدو ان هذا التوجه نحو السوق التونسية، على مستوى المدربين، لم يأت من فراغ بل من النتائج الجيدة في الموسم الماضي لبعضهم، ومن غلاء اسعار المدربين الاجانب وبعض الصعوبات في التأقلم لديهم مع عقلية اللاعبين التوانسة. فهل تصمد هذه التجربة طويلاً، ام ان الشتالي وحده سيبقى اسطورة المدربين التوانسة الذي عرف متى يغادر، لتتواصل سفينة منتخب تونس بقيادة اجنبي آخر هو فرانكو سكوليو الايطالي؟