توج الملعب التونسي بكأس الرابطة في تونس اثر فوزه في النهائي على النادي الصفاقسي بهدف سجله لاعبه الهادي المقراني في الدقائق الاخيرة للمباراة. وكأس الرابطة او كأس "المستضعفين" كما تسمى في تونس استحدثت هذه السنة لملئ الفراغ الذي خلفته مشاركة الاندية الكبار ومنتخب تونس في النهائيات الافريقية. وبنهاية كأس الرابطة اكتملت الحلقة الثانية في الموسم التونسي بعد تتويج الترجي باللقب وارجاء نهائيات كأس رئيس الجمهورية الى بداية الموسم المقبل! ولعل من اهم مفارقات دوري 2000 في تونس والذي جاءت رزنامته وعدلت ساعته على النهائيات الافريقية للاندية والمنتخب مخيبة للآمال محلياً وقارياً، فلا الدوري المحلي اتسم بالانتظام في نسقه ولا بالتنافس في غياب التوازن. وخرجت الاندية التونسية الثلاثة وهي الترجي التونسي والنادي الافريقي والنجم الساحلي التي بلغت النهائيات الافريقية بتتويج يتيم رفعه النجم الساحلي بحصوله على كأس الاتحاد... وصول المنتخب الى المربع الذهبي كأس امم افريقيا بعد ان "خرب" اعصاب التوانسة بتفاوت ادائه وبضربة حظ نفخت في شراعه. ولعل المكرمة الوحيدة لهذه المغامرات الافريقية ايذانها بولادة جيل جديد لكرة القدم التونسية ابرزه من شباب النجمة الحمراء النجم الساحلي امثال زياد الجزيري وعماد المهذبي وعلي الزيتوني من الترجي التونسي وتوديع "دينا صورات" التسعينات امثال الحارس شكري الواعر وفوزي الرويسي ومدافع الصفاقسي ساسي الطرابلسي. واجمع المراقبون في تونس ان الاحتراف في عامه الاول شمل ناديين فقط هما الترجي التونسي والنجم الساحلي، ورواتب ومكافآت للاعبين بلغت قيمتها رسمياً 325 ألف دينار تونسي حيث تحول لاعب الضاحية الشمالية امير المقدسي الى النجم الساحلي، ولان اختلفت صفقات اللاعبين المحليين بتفاوت قيمتهم... كان المعدل العام للتنقلات المحلية في حدود 150 الف دينار وهو معدل لا يعكس القيمة الحقيقية للاعبين ولا طبيعية الدوري التونسي ما دفع البعض للحديث عن ارتفاع شديد لمؤشر التضخم في هذه الاسعار. واذا اضفنا الف و500 دينار كمعدل للراتب الشهري فان لاعبي تونس "المحترفين" اصبحوا من فئة الاغنياء الجدد. وسيطر الترجي التونسي على كل القاب هذا الدوري وهو الذي لم ينهزم منذ تشرين الثاني 1997 بعد ان لعب 27 مباراة وسجل خط هجومه 53 هدفاً من اجمالي 306 هدفاً سجلت في الدوري، ولم يقبل خط دفاعه سوى 7 اهداف. وحصل لاعبه علي الزيتوني على لقب افضل الهدافين وجاء بعده لاعب النجم الساحلي البرازيلي سليفا سانتوس ب18 هدفاً بعد ان كان توج بلقب الموسم الماضي ب14 هدفاً. ويبدو ان هذا الانخفاض في النجاعة التهديفية لم يشمل سليفا فقط بل اقدام اللاعبين الاجانب الذين اكتفوا بتسجيل 65 هدفاً متراجعين ب30 هدفاً عن الموسم الماضي. وكان تتويج الترجي التونسي والاداء المتميز للنجم الساحلي من صنع رئيسيهما واللاعبين والاطار الفني التونسي للمدربين يوسف الزواوي ولطفي البنزرتي على التوالي. اما بقية الاندية العشرة الاخرى فقد قامت بتغيير 12 مدرباً وهو رقم يغني عن كل تعليق. وشهدت نهاية الدوري عودة نادي حمام الانف الى القسم الممتاز وصعود جربة الرياضية لاول مرة، في حين انحدر مستقبل المرسى والاولمبي للنقل للدرجة الثانية... ليكون بذلك دوري المفارقات عن جدارة. وودّع التوانسة اول دوري محترف غير مأسوف عليه حيث اعتبّر الموسم الاكثر رداءة في حياتهم. وكتبت الصحف المحلية وبالبنط العريط "أوووف" لتطلق بذلك زفوات ارتياح بعد موسماً كان ثقيل على النفوس مطبقاً على الانفاس. شهدت خلاله المدرجات تراجعاً خطيراً في حضور الجماهير، وانفعم عقد الاندية الاربعة الكبار وفقدت الفرجة ونكهة اللعب. كانت البداية مثقلة بالآمال العريضة حيث ارتفعت موازنات الاندية الكبار الى اكثر من 6 مليون دينار للنادي الواحد وهي موازنات تعد الارفع مغاربياً وعرياً. ولكن وكما صرح طوني بيتشنزاك فان الدوري التونسي عرف تقدماً كبيراً في بيئته المادية التحتية وتراجعاً خطيراً في "المواهي" اي التنمية البشرية كلاعبين واطار فني ورؤوساء اندية. فباستثناء سليم شيبوب في الترجي التونسي وعلمان جنيح في النجم الساحلي، فان بقية رؤساء الاندية لم يتمكنوا من فهم طبيعة المرحلة الانتقالية من عصر الهواية الى ضرورات الاحتراف او ان طبيعة عملهم وردود افعالهم كرجال اعمال ناجحين غلبت على ادائهم في "تسييح" الاندية... وبين هذا وذاك فارق شاسع. ولعل النادي الافريقي نادي تونس الثاني تتويجاً والاول شعبية ابرز مثال. فقيادة النادي وعلى رغم "نياتها الحسنة" لم تتمكن من احداث النقلة المطلوبة من زمن العائلات الى ادارة مؤسسة احترافية. ومع رحيل اخر ابناء عائلات اللاعبين السليمي والرويسي بخروج النجم فوزي الرويسي ومن الباب الصغير، كان الجميع يعتقد ان قيادة النادي ستطبق قواعد الاحتراف على التسييح. لكن الانتدابات المحلية والتي كلفت اكثر من مليون دينار للاعبين فارغي الوفاض ابرز قصر نظر هذه القيادة - اما النادي الصفاقسي فان اموال وشركات رئيسه لطفي عبدالناظر لم تكن كافية لبفهم طبيعة النادي. ويبدو ان اغلب الاندية التونسية وحسب تصريحات امناء المال فيها اضحت على ابواب اشهار افلاسها المالي... فدوري 2000 كان دوري المدرجات الجنائزية المقفرة من الجماهير. هذه الجماهير وبحسها العفوي والفطري بعثت برسالة واضحة، اما ان يعود التوازن ولذة التنافس واللعب والا لكم بطولتكم ولنا التلفزيونات والدوري الاوروبي. والحكم التونسي الذي يتمتع بمنحة مالية على كل مباراة تقدر ب200 دينار وامتيازات تكوينية اضحى نقطة سوداء في تاريخ كرة القدم التونسية لغياب قيمة مهمة وهي الشجاعة واتخاذ القرارات الحاسمة في وجه الجميع صغاراً كانوا ام كباراً، ويبدو انه في غياب العدالة تسقط كل الرهانات الاخرى حتى لو اجتمعت اموال ومهارات العالم.