واشنطن، لندن - "الحياة"، أ ب، رويترز، أ ف ب - تعهد رئيس مجلس إدارة شركة "مايكروسوفت" العملاقة، بيل غيتس، أمس الثلثاء التصدي لقرار محكمة فيديرالية بأن شركته خرقت قوانين مكافحة الاحتكار الأميركية، عن طريق شن "هجوم متعمد" على المنافسة في سوق التصفح عبر الانترنت. واعتبر مؤسس "مايكروسوفت" أنه ليس هناك ما يبرر تجزئة الشركة، حتى بعد صدور الحكم القضائي الذي يدينها بانتهاك قوانين مكافحة الاحتكار. وقال غيتس في مقابلة بثتها هيئة الاذاعة البريطانية أمس: "اعتقد ان تفكيك الشركة ليس مبرراً كحل أخير، حتى بعد صدور الحكم". وأكد ان أي قرار يتعلق بمستقبل "مايكروسوفت" سيظل معلقاً نتيجة الاستئناف الذي سترفعه شركته، معرباً عن ثقته بأن وجهة نظره ستتغلب في النهاية من خلال الاستئناف. وقال: "إن المنطق في جانبنا". وكان القاضي الأميركي توماس بنفيلد جاكسون اعتبر في قراره ان "مايكروسوفت" حافظت على احتكارها للسوق عبر اللجوء إلى أساليب غير تنافسية، وانها سعت إلى احتكار سوق أجهزة الكومبيوتر ومحركات البحث عن شبكة الانترنت. وكتب جاكسون في قراره ان "مايكروسوفت" "ألقت بثقلها في ميزان لعبة المنافسة، ما ضمن لها مواصلة هيمنتها". وقال القرار إن الشركة خرقت قانون "شيرمان"، وهو القانون الذي استخدم في الماضي لتفكيك احتكارات مثل "ستاندرد اويل" و"ايه تي اند تي". ويذكر ان القاضي أصدر حكمه مساء أول من أمس بعدما اغلقت سوق الأسهم في نيويورك. لكن تسرب مضمون القرار إلى وسائل الإعلام قبل الاغلاق دفع المستثمرين إلى بيع أسهم "مايكروسوفت" التي انخفضت 15 دولاراً إلى 87.90 دولار، ما كبد غيتس خسارة فادحة بلغت 1.12 بليون دولار. كذلك أدت المخاوف في شأن الحكم ضد "مايكروسوفت" إلى تراجع أسهم التكنولوجيا الأميركية. وانخفض مؤشر "ناسداك" 63.7 في المئة، حتى قبل صدور الحكم ليل أول من أمس. في المقابل ارتفع مؤشر الأسهم "التقليدية" للاقتصاد "القديم"، "داو جونز"، على رغم أنه يتضمن سهمي "مايكروسوفت" و"إنتل" نحو 300 نقطة. كما ارتفع مؤشر "ستاندرد اند بورز 500" الذي يمثل أكبر الشركات المدرجة في البورصة، نتيجة تدفق المستثمرين على شراء الأسهم التقليدية مثل أسهم قطاعات الصحة والأدوية والمصارف والمال، على حد قول صحيفة "فايننشال تايمز" أمس. ويعتبر انخفاض مؤشر "ناسداك" إلى 4224 نقطة، بتراجع 83.348 نقطة، الأكبر من حيث عدد النقاط، وخامس أكبر هبوط من حيث نسبة التراجع. ويشار إلى أنه انخفض نحو 18 في المئة منذ 10 آذار مارس الماضي عندما سجل أعلى مستوى له للسنة 2.5132 نقطة. وقال غيتس فور صدور الحكم "اعتقد ان حجتنا قوية"، مشيراً إلى ان "هذا الحكم يقلب الحقيقة التي يعرفها المستهلكون رأساً على عقب وهي: ان برامجنا سهلت أمر اقتناء الكومبيوتر لملايين من الأميركيين". وجاء الحكم الذي أصدره جاكسون بعد أيام من انهيار المحادثات بين "مايكروسوفت"، التي تتخذ من ريدموند في واشنطن مقراً لها، ومحامي الحكومة الأميركية. لكن الطرفين تركا الباب مفتوحاً لاتفاق محتمل في المستقبل. وقال رئيس دائرة مكافحة الاحتكار في وزارة العدل الأميركية، جو كلاين، إنه مستعد للنظر في تسوية. وفي انتظار ذلك، يفترض أن يبدأ القاضي جاكسون خلال الصيف النظر في العقوبات التي قد تفرض على "مايكروسوفت". وتراوح الاحتمالات بين تفكيك الشركة التي يدير نظامها التشغيلي "ويندوز" معظم الكومبيوترات الشخصية في العالم، وإجبارها على كشف أسرار برامجها لمنافسيها. وأشار المراقبون إلى ان أي استئناف لحكم القاضي يقدمه غيتس قد يستغرق سنوات عدة، ما يؤجل في الواقع أي عقوبات بحق شركته. ويؤكد الحكم الصادر أول من أمس حكماً سابقاً أصدره جاكسون في تشرين الثاني نوفمبر الماضي بأن "مايكروسوفت" هي شركة احتكارية ضايقت منافسيها وخمدت التجديد، ما أضر بالمستثمرين. وقال القاضي إن الشركة مذنبة بربط المتصفح على الشبكة ب"ويندوز" في "صورة غير مشروعة". من جهته، قال المدافع عن حقوق المستهلك رالف نادر من أصل لبناني، إن القاضي "وضع الأسس لتفكيك مايكروسوفت". لكن غيتس أكد في المقابل أنه "في الوقت الذي نتطلع إلى عملية استئناف الحكم، فإن التجديد سيبقى الأولوية لدينا في مايكروسوفت".