تتواصل في دبي اعمال البناء، على قدم وساق، في مشروع عملاق لتكنولوجيا المعلومات تقارب كلفته 700 مليون دولار، ويقول المسؤولون عنه انه سيكون عاصمة منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي للتجارة الالكترونية. ويثير مشروع "مدينة دبي للانترنت" الكثير من اللغط منذ اطلاقه قبل ثلاثة أشهر، نظراً الى أن حجم الرهانات الضخمة المرتبطة بمشروع من هذا القبيل ينتظر ان يغير معالم التجارة التقليدية في المنطقة. ويقول محمد القرقاوي، المدير العام ل"سلطة المنطقة الحرة في دبي للتكنولوجيا والتجارة الالكترونية والاعلام" ل"الحياة": "سنعلن قريباً اسماء شركات عالمية عدة اتفقنا معها على بدء أنشطتها انطلاقاً من مدينة الانترنت". وتمتد مدينة الانترنت على مساحة 800 هكتار في منطقة سياحية جميلة محاذية للشاطئ. وسيشغل الحيز المخصص لشركات الانترنت والكومبيوتر 60 في المئة منها، في حين ستخصص مساحة 320 هكتاراً لانشاء منطقة اعلامية "لتحقيق تكامل"، يقول السيد القرقاوي انه "بات ضرورياً ولا غنى عنه بين موردي خدمات الانترنت، وموردي المحتوى المنقول عبر الانترنت من شركات اعلامية وشركات المعلومات". ويضيف مدير المشروع ان المرحلة الأولى من خطة البناء التي ستستمر ثلاث سنوات ستنتهي في تشرين الأول اكتوبر المقبل، وأن منطقة المكاتب والمصانع والمختبرات ستبنى داخل مدينة الانترنت، في حين ستبنى المنطقة المخصصة لإقامة العاملين والخبراء والمديرين عند الجزء الواقع على الشاطئ، أو المرفأ الغربي. ويقول القرقاوي ل"الحياة": "العدد المتوقع لسكان مدينة الانترنت سيصل الى 100 ألف شخص ما يجعلها أكبر مدينة لتكنولوجيا المعلومات في الشطر الجنوبي لمنطقة البحر الأبيض المتوسط، وبين آسيا وافريقيا وأوروبا". وتقع مدينة الانترنت في وسط منطقة النمو العقاري في إمارة دبي. ويقوم بجانبها مشروعان عقاريان عملاقان تنفذهما شركة "إعمار" يضم الأول، وهو "تلال الامارات"، مجمعاً سكنياً حديثاً من خمسة آلاف وحدة سكنية وملاعب غولف، والثاني وهو "بحيرات الامارات" ألفي وحدة سكنية. ويقدر عدد سكان هذين المنتجعين الفخمين بعد الانتهاء من بنائهما بنحو 23 ألف شخص. وتستفيد مدينة دبي للانترنت من ميزات عدة أهمها اتخاذ كبرى شركات الكومبيوتر وتكنولوجيا الانترنت من دبي مركزاً لها، وفي مقدمها "انتل" و"مايكروسوفت" و"آي.بي.ام". ويعترف القرقاوي بضرورة القاء نظرة واقعية لبلوغ المدينة مستوى نمو حقيقياً. ويقولك "لنكن واقعيين. بوسعنا ان نطور في المستقبل المنظور صناعة برمجيات. وهناك عمليات تجميع اجهزة الكومبيوتر في منطقة جبل علي، ولكنها جميعا مرحلة أولى على طريق بناء صناعة نامية في هذا المجال، لأن الأمر يبقى معتمداً على طبيعة السوق نفسها. والأرقام المتوافرة، التي تخص درجة اختراق استخدامات الكومبيوتر، تبقى متواضعة وان كنا نتوقع نمواً كبيراً في العامين المقبلين". ويحاول المسؤولون في مدينة الانترنت رسم هوية واضحة تخص دور المدينة والغاية منها. ولم تنطلق حتى الآن استراتيجية الترويج التي تعدها شركات استشارية دولية. ومع ذلك فإن المشروع تلقى حتى الآن 12 ألف استفسار من قبل شركات عدة، بينها شركات عملاقة. ويقول القرقاوي: "لدينا شركات ومجموعات عالمية سجلت طلبات عمل في مدينة الانترنت، بينها مجموعة مستخدمي "أوراكل" التي تضم ثمانية آلاف شركة حول العالم. وهي نقلت مقرها من النمسا الى دبي. وثمة شركات أخرى كبيرة مماثلة سنعلن عنها قريباً". ويقدم المسؤولون في دبي، بإيعاز من رئيس المشروع ولي عهد دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، تسهيلات للشركات والمستثمرين الذين يرغبون في العمل انطلاقاً من مدينة الانترنت. ويقول القرقاوي: "المدينة هي مدينة خدمات وتصنيع وتوزيع. وهي تتيح ربط الانتاج فيها بشبكة توزيع تجارية وتسويقية متقدمة للغاية". وتقع مدينة الانترنت داخل منطقة حرة تحظى باعفاء ضريبي مضمون لمدة 50 سنة وحرية تملك الأرض للفترة نفسها مع امكان تجديد عقد الشراء. وتبلغ كلفة المشروع 2.5 بليون درهم يقدم منها القطاع الحكومي بليوناً والقطاع الخاص المبلغ المتبقي. ومن المنتظر ان تنتهي مشاريع البناء سنة 2003. وتطبق نظم ادارة جديدة في سلطة مدينة الانترنت وهي هيئة حكومية تدار بطريقة القطاع الخاص. وتم استقدام وتوظيف جميع العاملين من القطاع الخاص، لضمان تطبيق أساليب إدارة شفافة مع منح حوافز لكل الموظفين من دون استثناء. ويقول القرقاوي: "تعاقدنا مع شركات متخصصة لتقويم أداء كل عامل وموظف على حدة ومن دون أن يعرف الموظف انه في موضع تقويم. وهذا ينطبق على الجميع بما في ذلك المدير العام نفسه". ويتابع قائلا: "المستقبل التجاري سيكون للانترنت والتجارة الالكترونية. لذا انشئت مدينة دبي للانترنت لتكون عاصمة للاقتصاد الحديث في المنطقة. وهي ستؤمن البنية التحتية والمرافق الأساسية التي يحتاجها تنشيط التجارة الالكترونية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنطقة الممتدة من الهند وحتى المغرب العربي، ومن القوقاز حتى جنوب افريقيا". ويضيف: "المدينة ستكون متكاملة وستكون فيها شركات لتطوير البرمجيات وشركات للتجارة الالكترونية وشركات لبناء مكونات اجهزة الكومبيوتر". كما ستحوي المدينة مراكز للبحوث والدراسات وجامعات للانترنت وشركات شحن ولوجستيك "وستتوافر كل الخدمات المتكاملة بالاضافة الى وجود القطاعات المساندة للتكنولوجيا. وسيحظى المقيمون فيها بمستوى معيشي راق وبيئة عمل مثالية".