تثير احلام الثروة مخيلة آلاف المستثمرين والمؤسسات و"الشركاء" ممن عملوا على مدى الشهور الماضية في الاعداد لإقامة منطقة التكنولوجيا الحرة في دبي، التي يُنتظر ان تُرسخ لقيام اقتصاد من نوع جديد يشق طريقه الى العالم العربي. وقال محمد القرقاوي المدير العام لسلطة "منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا والتجارة الالكترونية" التي تعتبر أول منطقة حرة من نوعها في العالم: "ما فعلناه على مدى الاثني عشر شهراً الماضية كان أشبه بنصب شبكة سكك حديد تمتد الى أي مدى تصل اليه الأنظار. وكان هدفنا الاساسي تحقيق تكامل بين كل مقومات هذه الشبكة، اذ مددنا سكك الحديد ثم نصبنا عليها عربات النقل ووضعنا بعد ذلك أمامها قاطرات مليئة بالطاقة والحيوية لتسير بكل قطار الى المقاصد البعيدة التي ينبغي الوصول اليها". ويشرح المسؤول الإماراتي الذي يُعرب عن سعادته بأن تكون المنطقة الحرة الجديدة بوابة تخدم منطقة الخليج والعالم العربي. وقال ل"الحياة": "قسّمنا منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا الى ثلاثة أجزاء". وتستقطب الخطط المتنوعة التي يضعها المشرفون على المنطقة الحرة الجديدة اهتمام العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات حول العالم. وأبرزت مسابقة أطلقت في الشهور الماضية لاجتذاب أصحاب المشاريع الخلاقة، السرعة التي يمكن لمشروع مماثل ان يحقق فيها النجاح في سعيه الى تطويع تكنولوجيا المعلومات لتطوير الخدمات ومشاريع الانتاج الاقتصادي. وجذب مشروع "أفضل دراسات جدوى لمشاريع التجارة الالكترونية" الذي كان القائمون عليه في منطقة التكنولوجيا الحرة يرغبون في طرحه في صورة خاصة امام المبدعين العرب 1385 مشروعاً مقدماً من 34 بلداً توزعت بين الشرق الأوسط والولايات المتحدة وأوروبا وآسيا واستراليا. وأمام كثرة الاقبال اضطر المنظمون الى تمديد العمل في المهلة القصوى المحددة للمتقدمين بعروضهم حتى 21 ايلول سبتمبر الماضي ثم اختاروا في مرحلة ثانية 151 مشروعاً من 23 بلداً وكلفوا 11 فريقاً متخصصاً بانتقائهم. وفي المرحلة الثالثة تم اختيار 24 مشروعاً. ووجهت الدعوة لثلاثة اشخاص من كل فريق من أصحاب المشاريع ال24 للحضور الى دبي الاسبوع الماضي للاشتراك في ندوة تقويم لمساعدتهم على صقل افكارهم وتطوير مشاريعهم وكذلك مناقشة أفكارهم مع مجموعة رائدة من المستثمرين الاقليميين والمحليين. وعكست عملية غربلة المشاريع المنتقاة الخبرة المتزايدة التي بدأ يجمعها المستثمرون ومسؤولو الشركات المهتمة بهذا النمط الجديد من مشاريع تكنولوجيا المعلومات التي يقول مسؤولو منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا انهم يرغبون في جعلها اساساً لنشاطهم الاقتصادي والتجاري مستقبلاً. وساهمت شركات دولية عدة في عملية التقويم التي تمت وبينها "مايكروسوفت" و"اي.بي.ام" و"أوراكل" و"هيوليت باكارد". وأبدى مارك فان دير ميرفي المدير التقني الاقليمي في "مايكروسوفت" للشرق الأوسط وشمال افريقيا اعجابه البالغ "بالكفاءات المميزة والأفكار الابداعية التي طرحت". وقال: "لا أظن انه سبق لي ان رأيت هذا العدد من الكفاءات الشابة والغنية بأفكار ابداعية في مكان واحد". واستقبلت "مدينة دبي للانترنت" الاسبوع الماضي 69 مشاركاً قادمين من السعودية واستراليا وبلجيكا ومصر وفرنسا والأردن والهند ولبنان وجنوب افريقيا وباكستان بالإضافة الى المتأهلين من دولة الامارات. خطط مفصلة وقدم المشاركون خططاً مفصلة عن مشاريعهم تتمحور حول امورعدة في مجال التجارة الالكترونية ومنها المضمون والمجتمع والمبادلات بين الشركات والمستهلكين، وبين الشركات نفسها، وخطوط الاتصال السريعة القادرة على نقل كم هائل من المعلومات وأنظمة التقاص والسداد والمتميزة بمستوى الأمان العالي فيها. وفي نهاية المطاف قدمت ثلاث جوائز قيمة الواحدة منها 150 ألف دولار للمشاريع الثلاثة الفائزة التي استبقيت للمرحلة النهائية وهي مشروعان من الامارات وثالث من الهند. وقال القرقاوي ان هذه الخطوة كانت بادرة رمزية لاظهار مدى تفاعلنا مع عالم الاعمال وقطاع التجارة الالكترونية ولإظهار عمق الحاجة الى مشروع مماثل لمشروع المنطقة الحرة للتكنولوجيا والتجارة الالكترونية، بغض النظر عن وقوعنا في الشرق الأوسط أو القارة الآسيوية، مشيراً الى ان "عالم التجارة الالكترونية وتكنولوجيا المعلومات خريطة جديدة مفتوحة للقادمين من دون اي اعتبار لموقعهم على الكرة الأرضية". ولفت اعلان ولي عهد دبي وزير دفاع الامارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم خلال الافتتاح الرسمي للمنطقة الحرة السبت الماضي الأنظار مع اشارته الى ان عدد العالمين في المنشآت الجديدة التي ظهرت الى الوجود في سرعة ملفتة خلال الشهور الثمانية الماضية سيصل الى ثلاثة آلاف عامل قبل نهاية السنة الجارية. وتُسيل امكانات جني الثروات الطائلة لعاب المتسابقين على الاستفادة من المزايا والخدمات التي ستقدمها "مدينة دبي للانترنت" و"واحة دبي للمشاريع" والاقتراب من مواقع صنع القرار في شركات المال الشاملة التي قررت نقل مراكزها الاقليمية الى منطقة التكنولوجيا وبينها "مايكروسوفت" التي تبني مجمعاً ضخماً عند الجانب الايمن لمدخل المنطقة الحرة للتكنولوجيا. وكذلك شركة "أوراكل" العملاقة التي يتبعها اكثر من 8500 شركة حول العالم التي قررت نقل مركزها الرئيسي بالكامل الى "منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا". ويشكل الربط المباشر بين سوق ناسداك والمدينة الجديدة جسراً آخر لأحلام الذين يرغبون في تحقيق أرباح طائلة انطلاقاً من مشاريعهم الالكترونية في دبي. ويعتبر مثال شركة "هوتميل" التي اشترت "مايكروسوفت" حصصاً فيها لدى تأسيسها بقيمة ألفي دولار وباعتها ب12 مليون دولار بعد انطلاقها بقليل نموذجاً مثالياً يأمل أفراد المجتمع الالكتروني الجديد الذي ستضمه منطقة دبي الحرة للتكنولوجيا في تحقيقه. واكد القرقاوي ان شركة "واحة دبي للمشاريع" ستطرح للتعويم في سوق ناسداك بعد عامين. وقال ان هذه الشركة ستقدم حاضنات للمشاريع الجديدة وستؤمن تمويلاً لأصحابها يراوح بين 500 ألف ومليوني دولار مع دعم مالي ايضاً من صندوق خاص موجه لمساندة مشاريع من هذا القبيل.