} قال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي ان الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد رغب خلال اللقاء معه في الوقوف على "خلفية المواقف الصادرة عن البطريرك الماروني نصرالله بطرس صفير في وقت أعربنا عن استعدادنا للحوار مع الجميع والانفتاح على وجهة نظرهم، آخذين في الاعتبار وجود خلل في العلاقة لا بد من تصويبه. وهذا ما نعمل من أجله، انما المسألة تحتاج الى وقت ليأتي الحل الذي نطمح اليه جميعاً". وسأل الرئيس الأسد عن الهدف من احراج سورية في الوقت الحاضر. وقال: "كنت أعلنت في خطاب القسم أمام مجلس الشعب السوري اني أطمح الى اقامة علاقة بين لبنان وسورية تكون نموذجاً لعلاقاتنا مع الدول العربية الشقيقة الأخرى. لأن علاقتنا تتجاوز الجوار الى التاريخ المشترك والمصالح المشتركة وهذا ما نحرص عليه". تطرح المبادرة الانفتاحية للرئيس السوري بشار الأسد على القيادات والشخصيات اللبنانية من مختلف الاتجاهات والتيارات، سؤالاً عن استعداد الدولة اللبنانية لمواكبة الحوار وبلورته من خلال ورقة عمل تتناول القضايا المشتركة بين بيروتودمشق لتوفير حلول للمشكلات العالقة بينهما، وتوفر حماية مصالحهما الوطنية بعيداً من المزايدات والابتزاز. فالحوار السوري - اللبناني المستمر لا يعفي الدولة من المبادرة بجمع الأفكار التي يطرحها زوار دمشق أمام الرئيس السوري، استعداداً للقاءات اللبنانية - السورية الرسمية التي ستخصص لمناقشة القضايا المشتركة وما يشوبها تمهيداً لتصحيح العلاقات الثنائية. واتسمت اللقاءات التي عقدها حتى الآن الرئيس الأسد والتي ستتواصل بجرعة كبيرة من المصارحة لم تشهدها الاجتماعات السابقة. وهي تميزت بأسئلة بادر الأسد بطرحها عما يتداوله اللبنانيون سراً وعلناً، مبدياً رغبة في الاستماع الى وجهة نظرهم من دون مراعاة أو مواربة، ظناً منه ان المصارحة وحدها تقود الى الامساك بالخطوط السياسية لملف العلاقات اللبنانية - السورية، وصولاً الى التوافق على رؤية واحدة واقعية. واللافت ان الرئيس السوري حرص على ترجمة ما كان نقل عنه مراراً، عن وقوفه على مسافة واحدة من الجميع، من خلال الأسئلة التي طرحها، مقرونة بمجموعة من الاستيضاحات. ويشجع الرئيس السوري زواره من اللبنانيين على الخوض في ملف العلاقات الثنائية، تاركاً الانطباع بالرغبة في التأسيس لعلاقات مستقرة خالية من الشوائب. فيتوقف عند بعض التفاصيل على رغم انه كان قرر التركيز على الاطار العام وعدم التدخل في اليوميات التي يجب حصر التعامل معها بالدولة اللبنانية والافرقاء اللبنانيين. ونقل الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي عن الرئيس الأسد انه "فوجئ بالحملة التي يشنها فريق من المسيحيين المعارضين على سورية، وهو يرفض ان تتحول القوات السورية في لبنان، مشكلة، بعدما كان دخولها أثناء اندلاع الحرب أساسياً لمساعدة الدولة على بسط سلطتها وتوسيع رقعة انتشارها". واذ أبدى الأسد رغبة قاطعة في الاستماع الى من التقاهم عن تقويمهم لمسار العلاقات اللبنانية - السورية، طرح في المقابل أسئلة تتعلق بتوقيت الحملة على سورية الآن، وعن الأسباب التي دفعت البعض الى ركوب موجة الحملات الاعتراضية، وهل هؤلاء على صلة بجهات خارجية، خصوصاً انها تزامنت مع الانسحاب الإسرائيلي من جنوبلبنان. وعلمت "الحياة" ان الرئيس السوري تطرق، وهو يستمع الى ما طرحه حاوي وآخرون من القيادات والشخصيات، الى موضوع اعادة انتشار القوات السورية في لبنان وقال: "بدأنا بتطبيقه منذ نيسان ابريل الماضي، لكننا اعتدنا أولاً التنفيذ، ثم الاعلان عنه، خلافاً لما هو سائد لدى اللبنانيين". وأكد ان تنفيذ خطة اعادة الانتشار "طبيعي، لأن القوى الشرعية اللبنانية أصبحت قادرة على ضبط الوضع الأمني في عدد من المناطق، والجميع في لبنان يعرف من هي الدولة التي أدت دوراً فاعلاً في اعادة توحيد الجيش اللبناني وتزويده ما يحتاج اليه من سلاح وعتاد، اضافة الى اننا لا نريد ان ننوب عن قوى الأمن الداخلي في حفظ الأمن". وفهم حاوي من كلام الرئيس السوري ان خطة اعادة الانتشار "أخذت تطبق في صورة عادية استناداً الى ما رسمته القيادة العسكرية، لكنه يسجل عتبه على بعض الافرقاء اللبنانيين الذين راحوا يتعاطون مع هذا الموضوع بالذات كأنه جاء نتيجة الحملات الاعلامية والمواقف العدائية لسورية، بدلاً من ان ينظروا الى الخطوة بايجابية لتوفير المناخ الطبيعي الذي يساعد على تعزيز العلاقات وتطويرها". وسأل الرئيس الأسد، عن "الجهة المستفيدة من وضع سورية في موقع من يتعرض للابتزاز، وهي كانت اتخذت في عهد الرئيس الراحل حافظ الأوسد قرارها ادخال جيشها الى لبنان لحماية المسيحيين ولمنع تقسيم البلد الذي نحرص عليه أشد الحرص"، مؤكداً ان "اثارة الحساسيات واللعب على الاوتار الطائفية لن تكون لمصلحة أحد، وبالتالي يخطئ من يعتقد انه يحتكر وحده علاقة لبنان بسورية". ولفت الى ان ما يهمه "دعم الدولة اللبنانية لتكون قادرة على رعاية الحوار اللبناني - اللبناني من جهة وتأمين الحلول للمشكلات الاقتصادية من جهة ثانية، اذ ان الاستقرار الداخلي عامل أساسي للنهوض بلبنان". وأضاف الرئيس السوري كما نقل عنه حاوي أن "الوضع في المنطقة يستدعي التعاون لمواجهة التحديات المترتبة على رفض اسرائيل اقامة السلام العادل والشامل في المنطقة. وهي وحدها تتحمل مسؤولية اجهاض العملية السلمية، وبالتالي لا يجوز، ولمصلحة لبنان، ان تشكل اعادة الانتشار مناسبة للحملة على سورية، في وقت يتغاضى البعض عن حرب الابادة التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة". وتابع: "من يعتقد ان سورية تقف مع طرف في لبنان ضد الآخر مخطئ ومن يستحضر مواقفنا، يعرف جيداً دور الجيش السوري الداعم والمساند للقوى الأمنية اللبنانية في تصديها لموجات التطرف". وأشار الرئيس السوري الى "شوائب تعتري العلاقات الثنائية حلها يكون من خلال اللقاءات التي تعقد بين البلدين اللذين تربطهما معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق، بدلاً من التشنج والسلبية". ونقل عنه حاوي قوله ان اسرائيل ودولاً اخرى "اخطأت في قراءتها مواقفنا بعد رحيل الرئيس حافظ الأسد. وكانت تراهن على اننا سنفرّط بحقوقنا في الجولان، الى ان اكتشفت ان الجيل الجديد لن يفرط بالقيم ويتمسك بأرضه". واستبعد الرئيس السوري امكان التوصل الى حل في المنطقة في المدى المنظور. وقال: "إن انتفاضة الشعب الفلسطيني خرجت عن اطار السيطرة وليس في وسع اسرائيل في الوقت الحاضر تقديم تنازلات ترضي الفلسطينيين خصوصاً ان حالاً من الشلل تسيطر على الادارة الأميركية".