} باتت نتائج الانتخابات الرئاسية في الولاياتالمتحدة معلقة في انتظار اعادة فرز الاصوات في ولاية فلوريدا حيث سجل جورج بوش تقدماً ضئيلاً جداً بواقع بضع مئات من الاصوات على منافسه آل غور الذي تحفظ عن الاعتراف بهذا الهامش البسيط من التفوق للمرشح الجمهوري. وهذه الحادثة الاولى من نوعها في تاريخ الولاياتالمتحدة التي واصلت على مدى 24 ساعة على التوالي متابعة نتائج الفرز، صوتاً بصوت، في المعركة الرئاسية الاكثر سخونة واثارة. لم يتمالك مقدمو البرامج في الشبكات التلفزيونية الكبيرة في الولاياتالمتحدة عن القول انهم لم يشهدوا شيئاً مماثلاً في اي انتخابات رئاسية سابقة، وذلك بعدما اعياهم التعب وهم يتابعون النتائج غير المحسومة للانتخابات، أولاً بأول، وعلى مدى اكثر من ثماني ساعات. ومنذ الساعات الاولى من المساء، راحت نتائج السباق تتأرجح بين جورج بوش وآل غور، خصوصاً بعدما اعلن فوز الاخير في فلوريدا ليتم بعد ذلك التراجع عن النتيجة والاعلان عن فوز بوش فيها. وبعدما كان اتصل ببوش لتهنئته، لاحظ آل غور ان الفارق بينه وبين منافسه ضئيل جداً في فلوريدا، فاتصل به ثانية، ساحباً اعترافه بخسارته الى ان تتم اعادة فرز الاصوات في الولاية للتأكد من النتيجة. وخلد انصار المرشحين الى النوم وقد اعياهم الارهاق، فيما بدت فلوريدا مسؤولة وحدها عن اختيار رئيس الولاياتالمتحدة... الدولة القائدة في العالم. وراح مسؤولو الولاية يعيدون فرز بضع مئات من الاصوات في مناطقها النائية بحثاً عن حل يضع حداً للمأزق الذي وقعت فيه البلاد. والسبب في ذلك ان الفوز بالرئاسة لن يتحقق لبوش، ما لم يحصل على الاصوات ال25 التي تملكها فلوريدا في الندوة الانتخابية حيث يحتاج الفائز الى 270 صوتاً من اصل 538. ومن دون فلوريدا يكون آل غور حصل على 249 صوتاً في الولايات الاخرى، في مقابل 246 لبوش، علماً ان ثمة ولايتين اخريين هما اوريغون وويسكونسن لم تحسم فيهما النتيجة ايضاً، لكن اصواتهما ال18 مجتمعة، لا تكفي اياً من المرشحين. وليس مستبعداً ان تتحول القضية الى ازمة قد تطول، في انتظار فرز اصوات الاميركيين في الخارج التي ترسل عادة بالبريد، اذا تبين ان اعادة الفرز في فلوريدا لم تؤد الى نتيجة حاسمة. والمفارقة ان جيب بوش شقيق جورج بوش الابن سيكون الحكم غير المباشر في السباق الى البيت الابيض بين شقيقه وآل غور، باعتباره حاكماً للولاية ويمثل السلطة السياسية العليا فيها. ويتقدم بوش على آل غور بمئات الاصوات من اصل ستة ملايين صوت في الولاية التي ينص قانونها على اجراء فرز جديد اذا كان الفارق بين المرشحين اقل من 5،0 في المئة من الاصوات. وكانت ولاية فلوريدا تعتبر قبل بضعة اشهر، مضمونة بالنسبة الى المرشح الجمهوري، كونها اعطت اصواتها لشقيقه واختارته حاكماً. لكن احتدام المعركة في الولاية ناجم، بحسب المسؤولين الجمهوريين، عن ثقة مفرطة سلفاً في نتيجة التصويت وحملة تعبئة "ضعيفة" للناخبين من جانب حملة بوش. وفي حال اعلن فوز بوش بالرئاسة، يكون الحزب الجمهوري قد سيطر للمرة الاولى منذ عام 1954على البيت الابيض والكونغرس في آن. اذ اظهرت نتائج انتخابات مجلسي الشيوخ والنواب التي تزامنت مع المعركة الرئاسية، احتفاظ الجمهوريين بغالبية ولو ضئيلة في المجلسين. لكن العنصر الجديد في الانتخابات كان فوز عدد اكبر من النساء بمناصب الحكام، وذلك في خمس ولايات. الاعلام في حيرة ومنذ ساعات المساء الأولى حين أقفلت مراكز الاقتراع في الولاياتالشرقية وبدأت نتائج الولايات الأولى تعلن، تبين ان المعركة متقاربة جداً وكان يصعب تحديد الفائز في معظم الولايات حتى تلك المعروف عنها بالولاء للحزبين تاريخياً. ومع تقدم ساعات المساء كانت المفاجأة حين اعلنت شبكات التلفزيون فوز آل غور في فلوريدا وولايات ميشيغان وبنسلفانيا وايلينوير وهي من الولايات غير المحسومة. وكان المراقبون يجمعون على ضرورة فوز آل غور فيها لضمان رئاسة البيت الأبيض. ولكن مع تقدم الزمن اعترف معظم مقدمي الأخبار بأنهم تسرعوا بإعلان فوز بوش في ولاية فلوريدا، وتمت إعادتها الى خانة الولايات غير المقررة بعد. وتنفس الجمهوريون الصعداء مع الإعلان عن فوز مرشحهم بولاية تينيسي وهي ولاية آل غور بالإضافة الى اركنساو، ولاية كلينتون. ومع توالي الإعلان عن نتائج ولايات الجنوب التي جاءت كلها لمصلحة بوش، تعززت آمال الجمهوريين وأصبحوا بحاجة للإعلان عن نتيجة ولاية فلوريدا لمصلحتهم، لبدء مراسم الاحتفالات. وبالفعل، منذ أعلنت بعض شبكات التلفزيون الرئيسية مع ساعات الفجر الأولى فوز بوش بالرئاسة، تحولت الأنظار الى مقر الاخير في أوستن تكساس لسماعه يدلي بخطاب النصر، إلا أنه عدل عن ذلك وقرر تأجيل الاحتفال وتحدث عوضاً عنه رئيس حملته دونالد ايفانز الذي قال: "آمل وأعتقد أننا انتخبنا الرئيس المقبل للولايات المتحدة، ما زالوا يعدون الأصوات وأنا واثق حين يقال كل شيء، سننتصر". وفي ناشفيل تينيسي، لم يكن الجو مختلفاً، اذ وقف انصار آل غور تحت المطر طويلاً، في انتظار ظهوره لالقاء خطاب ولو متحفظ عن الاعتراف بفوز بوش، لكن احد مسؤولي حملته تولى مخاطبة الناس، شارحاً ملابسات سحب الاعتراف بفوز بوش، نتيجة تلقي اتصال من مسؤولي الحملة الديموقراطية في فلوريدا. وكانت بعض الصحف المحلية صدرت بعناوين متعددة لطبعاتها المختلفة، من "فوز بوش بفلوريدا" الى "نتائج الانتخابات تنتظر صورة النهاية". وبذلك، صحت الاستطلاعات والتوقعات التي سبقت الانتخابات بمعركة محتدمة نتيجة الانقسام الحاصل بين الناخبين، وبالفعل كانت هناك شبه معركة في كل ولاية. ولم يكن لمرشحي الأحزاب الأخرى رالف نادر وبات بيوكانان تأثير يذكر في الانتخابات، خصوصاً نادر الذي كان يتوقع أن يحصل على 5 في المئة من الأصوات حتى يخول الحصول على مساعدات فيديرالية في الانتخابات المقبلة، ولكنه حصل فقط على 5،2 في المئة على المستوى الوطني. أما بيوكانان الذي حصل حزبه على 12 مليون دولار لان روس بيرو حاز نسبة كافية في الانتخابات الحالية، فلم يحصل على واحد في المئة من الأصوات.