سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صحيفة رسمية تدعو إلى "مراجعة جدية للحياة السياسية" ... و"العفو دليل ثقة" . السلطات السورية لم تطلب من المعتقلين "تعهداً خطياً" بعدم ممارسة العمل السياسي
علمت "الحياة" ان السلطات السورية لم تطلب من السجناء السياسيين التوقيع على "تعهد خطي بعدم ممارسة العمل السياسي" كشرط للافراج عنهم بموجب العفو الذي اصدره الرئيس بشار الاسد عن 600 معتقل من "جميع التنظيمات السياسية". في غضون ذلك، دعت صحيفة "الثورة" الحكومية الى "جعل بادرة العفو مدخلاً لاجراء مراجعة جدية هادئة ومسؤولة وفعالة للحياة السياسية في سورية". ولاحظت اوساط مطلعة في تصريحات ل"الحياة" وجود مؤشرات في العفو بينها "ان الرئيس بشار استمرارية لعهد الرئيس الراحل حافظ الاسد، وان اتخاذه القرار في هذه المرحلة وبعد مرور نحو ثلاثة اشهر على تسلمه الحكم دليل مؤكد على ثقته بسياساته وبالاخرين وبالمواطنين". واشارت الى صدوره "بعد ان هدأت جميع الاصوات المطالبة بالعفو، مايعني سير الاسد بجدول خاص ينبع من وضع داخلي لسورية". ونوه عدد من الذين اطلقوا في الايام الاخيرة ب"مبادرة العفو". وقال يوسف البني عضو اللجنة المركزية في "حزب العمل الشيوعي" انه "خطوة ايجابية باتجاه الانفتاح وحل قضية المعتقلين السياسيين بشكل كامل". واكد ل"الحياة" عدم توقيعه والاخرين "اي تعهد خطي كما جرت العادة سابقا"، ونقل عن مسؤول التقاه قبل الخروج من السجن قوله :"لن نطلب منك هذا الامر الذي لم يعد يتناسب مع الواقع". وتعتبر هذه مبادرة ذات مغزى. واذا كان قياديا "حزب العمل" فاتح جاموس واصلان عبدالكريم اللذان اطلقا قبل اشهر اول الذين لم تطلب منهم السلطات توقيع "التعهد" كشرط للخروج، فان قائمة ال600 هي اول مجموعة كبيرة تشهد الغاء هذا الاجراء الذي ينص عادة على التوقف عن "ممارسة العمل السياسي ومناهضة اهداف الثورة الاشتراكية". وفي مؤشر آخر، نشرت صحيفة "الثورة" مقالا في صفحتها الاولى دعا الى اجراء مراجعة سياسية بحيث "تشكل شرطاً اساسياً لتجديد هذه الحياة على الاسس المرجعية لخطاب القسم للرئيس الاسد وايجاد المعادل المؤسساتي لهذه الوثيقة الوطنية المرجعية الثمينة التي تشكل اليوم عنوان سورية الشابة التي تمضي بخطوات واثقة في طي الاحتقانات والتطلع الى المستقبل". لكن المثقف جمال باروت الذي كتب المقال، قال: "لن يكون ممكناً لاطراف المنظومة السياسية السورية على مختلف الوان طيفها، سواء كانت متوافقة ام متعارضة، في اطار الجبهة الوطنية التقدمية التي تضم جميع الاحزاب المرخصة منذ العام 1972 ام خارجها، ان تشارك بمصداقية في هذه المراجعة الا اذا قامت بها اولا بشكل شفاف في داخلها". وبعدما أفادت ان "عملية التغيير لا يمكن ان تتم بين يوم وليلة"، اوضحت الصحيفة التي تسلم رئاسة تحريرها قبل اشهر محمود سلامة، ان "التجديد في سورية الشابة ينطلق من خيار وطني سيادي يقوم على ترسيخ المضمون الحيوي للاستقرار، وحل التناقضات الاجتماعية والسياسية بالوسائل السلمية والمشروعة والدستورية، في اطار مبادئ الاعتراف بالرأي والرأي الآخر، وترسيخ اسس الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والسيادة الوطنية وتفعيل اطر المشاركة السياسية". وكان النائب رياض سيف دعا في الاسبوع الماضي من خلال البرلمان الى اجراء "اصلاح سياسي"، قائلاً: "ان كسر الاحتكار هو شرط لازم لتطبيق مبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص"، لكن رئيس البرلمان السيد عبدالقادر قدورة اكد رداً على سؤال ل"الحياة" وجود "تعددية سياسية من خلال الجبهة تضم احزابا لها تاريخ ونضال طويللان". وزاد ان كلام سيف "خطوة اولى في ممارسة الديموقراطية، لكن يجب عليه ان يسمع الى رأي الاخرين وقناعات الاغلبية ايضا". الى ذلك، افادت المعلومات الاخيرة التي توافرت ل"الحياة" الى مساء امس، ان العفو ادى الى خروج 366 شخصاً من سجن تدمر وسط البلاد:360 من "الاخوان المسلمين" وخمسة من "حزب العمل" وعمر الحايك من جماعة "الحزب الشيوعي-المكتب السياسي" بزعامة رياض الترك. كما خرج 149من سجن صيدنا:80 من "حزب التحرير الاسلامي" بين مجموعة اعتقلت في بداية العام وافرج عن 30 منها قبل اسابيع بموجب عفو خاص. و30 من "حزب البعث-القيادة القومية" المقرب من العراق. و20 من "الاخوان المسلمين"، علماً ان معظم هؤلاء "البعثيين" العراقيين و"الاخوانيين" كانوا محكومين بالسجن المؤبد او بالاعدام مع وقف التنفيذ. و16 من "حزب العمل". وكريم خلف من "حزب البعث الديمقراطي" لابراهيم ماخوس. ومحمد حبيب وعفيف مزهر من "جمعية حقوق الانسان"، فيما خرج من سجن المزة حبيب زودي من "حزب العمل"، مع احتمال خروج الباقين من مراكز اخرى. في عمان، نقلت "فرانس برس" عن المحامي عماد الشرقاوي تأكيده ان العفو لم يشمل اياً من المعتقلين الاردنيين والفلسطينيين "مبدئياً ووفقاً للمعلومات التي وصلتنا حتى الآن". واضاف للوكالة :"اننا نرحب في الوقت نفسه بالعفو الاخير ونعتبره خطوة شجاعة من الرئيس بشار تستحق التقدير، لكننا نتمنى ايضاً ان يتم الافراج قريباً وفي اطار عفو خاص عن المعتقلين الاردنيين والفلسطينيين في سورية الذين يقدر عددهم بنحو 600"، موضحاً ان "بعض هؤلاء المعتقلين طالت فترة اعتقالهم لاكثر من عشرين عاماً ولم يتمكنوا خلالها من الاتصال بذويهم او الالتقاء بهم"، علماً ان دمشق افرجت خلال ال 16 شهرا الاخيرة عن نحو مئة معتقل اردني وفلسطيني. وكانت مصادر سورية لاحظت ل"الحياة" ان المرسوم صدر ونشر في الصحف الرسمية للمرة الاولى بعدما توقفت المطالب الخارجية ودعوات المنظمات العربية والدولية الى الافراج عن السجناء "لان سورية لاتستجيب لاي ضغوط، وهي تسير حسب برنامجها الوطني".