أظهرت عمليات اطلاق معتقلين سياسيين في سورية بموجب العفو الرئاسي الذي أصدره الرئيس بشار الاسد، خروج سجناء من "كل التنظيمات السياسية"، بما في ذلك أعضاء في "البعث" العراقي و"البعث الديمقراطي"، وجمعيات ناشطة في مجال حقوق الانسان، مع غلبة لناشطي "الاخوان المسلمين" و"حزب التحرير الاسلامي". وتوافرت ل"الحياة" معلومات من مواطنين وشهود، أفادت عن اطلاق 380 سجيناً من "الاخوان المسلمين"، 20 منهم خرجوا من سجن صيدنايا، وكانوا محكومين ب"السجن المؤبد"، فيما خرج الباقون من سجن تدمر، وسط البلاد. كما شمل العفو الرئاسي 80 شخصاً يتبعون "حزب التحرير" اطلقوا من سجن صيدنايا، و30 من "البعث" العراقي حزب البعث - القيادة القومية، توجه معظمهم إلى بيوتهم في المدن الواقعة شرق سورية. ولاحظت مصادر ديبلوماسية وجود "شفافية اكبر" في تعامل السلطات السورية ووسائل الاعلام الرسمية مع "موضوع المعتقلين السياسيين في اول عفو رئاسي يصدره الرئيس بشّار الاسد". في غضون ذلك، اعتبرت "اللجنة السورية لحقوق الانسان" ان قرار الرئيس الأسد "خطوة مهمة في مجال الحريات وحقوق الانسان". كما أثار العفو ارتياحاً شعبياً شمل كل المحافظات السورية بعودة المعتقلين الى بيوتهم بعد سنوات قضوها في السجن، بعدما هدأ كل الاشاعات عن قرب صدور عفو رئاسي عن السجناء السياسيين. والى ظهر امس خرج بموجب العفو 22 عضواً في "حزب العمل الشيوعي" بينما بقي تسعة بينهم عبدالعزيز الخير الذي يقضي حكماً مدته 22 سنة، ينتهي عام 2014، وأكرم البني الذي يمضي حكماً قضائياً مدته 17 سنة، ينتهي بعد اربع سنوات. وكانت السلطات اطلقت العام الماضي القياديين في "حزب العمل" فاتح جاموس واصلان عبدالكريم، علماً ان "حزب العمل" حل بداية الثمانينات بدلاً من "رابطة العمل الشيوعي" التي تأسست عام 1976. واعتقلت السلطات عشرات من أعضاء "حزب العمل" عام 1987 وحوكموا لانتمائهم الى "تنظيم سري وقيامهم بعمليات مناهضة لأهداف الثورة". ولم يخرج حتى ظهر امس بموجب العفو، سبعة آخرون هم: محمد معمار، نزار برادني، عدنان محفوض، عباس عباس، بهجت شعبو ووجيه غانم وراشد سطوف الذين يقضون احكاماً مدتها 15 سنة. وافاد مواطنون ان الصحافي نزار نيوف الذي اعتقل بداية التسعينات وعضو "حزب البعث العربي الاشتراكي الديموقراطي" يرأسه ابراهيم ماخوس المقيم في الجزائر عادل اسماعيل لم يخرجا، فيما اطلق كريم خلف من "البعث الديموقراطي" ومحمد حبيب وعفيف مزهر الناشطان في "جمعية حقوق الانسان" اللذان سجنا عام 1992. وما يفسر عدم خروج هؤلاء ما قالته أول من امس مصادر مطلعة ل"الحياة" من أن عاملين اساسيين لعبا دوراً في تحديد الذين سيطلق سراحهم، هما: "سلوك السجين خلال فترة تنفيذه الحكم، ودرجة الجرم، بحيث اعطيت افضليات للذين ارتكبوا جرائم بمستوى اقل، وللذين لم يتورطوا مباشرة بعمليات قتل". وفي مقابل اطلاق قياديين من "البعث العراقي" بعد سجنهم عشرين سنة، في وقت تشهد العلاقات بين دمشق وبغداد تطوراً سياسياً لافتاً، فإن معظم الذين خرجوا من السجن هم من "الاخوان المسلمين" و"حزب التحرير الاسلامي". وافاد شهود ان 80 عضواً في "حزب التحرير" خرجوا من سجن صيدنايا القريب من دمشق. واكد ناشطون سياسيون ل"الحياة" ان القياديين "الاخوانيين" الصيدلاني هيثم قنمباز والصيدلاني فيصل مبيض لم يطلقا بموجب العفو الأخير، بل خرجا قبل اسابيع، وبعد أداء الرئيس الأسد القسم في 17 تموز يوليو الماضي علماً ان قنمباز كان يواجه حكماً بالاعدام. الى ذلك، رحب ناطق باسم "اللجنة السورية لحقوق الانسان" في بيان تلقته "الحياة" في لندن، بالعفو الرئاسي، معتبراً إياه "خطوة مهمة في مجال الحريات وحقوق الانسان". و"ذكّر" البيان الرئيس السوري ب"ضرورة الاطلاق الفوري لبقية السجناء السياسيين الذين يعدّون بالآلاف، وإصدار عفو عام عن جميع المنفيين والمهجرين قسراً من سورية، بسبب قوانين الطوارئ التي ُتحكم بها منذ العام 1963، والقوانين الاستثنائية التي تحد من الحريات". وطالبت "اللجنة" الرئيس الأسد بإلغاء حال الطوارئ والقوانين الاستثنائية و"تقييد السلطات الواسعة الممنوحة لأجهزة الامن والمخابرات التي اساءت استخدام هذه الصلاحيات، فاعتقلت وشردت الآلاف من المواطنين من دون مراعاة للقوانين السورية النافذة التي تحفظ للمواطن السوري حريته الشخصية وحرية التعبير عن الرأي والمعارضة السلمية".