شنت روسيا هجوماً قاسياً غير مسبوق على ما وصفه الرئيس فلاديمير بوتين ب"خطر الاصولية" التي قال ان من أهدافها انشاء "ولايات متحدة اسلامية" من بحر البلطيق الى البحر الأسود. وتحدث وزير دفاعه ايغور سيرغييف عن "مركز اسلامي موحد لتمويل الارهاب"، وتزامن ذلك مع استقبال حافل نظم لبنيامين نتانياهو الذي قابل وزير الخارجية ومسؤولين في الكرملين والأركان العامة. واكد ان روسيا واسرائيل تواجهان "عدواً مشتركاً". وعشية زيارته الى باريس التقى بوتين صحافيين فرنسيين ليبلغهم ان "من لا يلاحظ خطر الارهاب الدولي والأصولية، الإسلامية أو اي أصولية دينية اخرى" انما يرتكب خطأ سيكون ثمنه باهظاً. واشار الى ان "السلفية شنت عدواناً ايديولوجياً علينا" وحولت الشيشان الى رأس جسر للانطلاق نحو تأسيس "ولايات متحدة اسلامية" تمتد من بحر البلطيق الى البحر الأسود. ولم يوضح الرئيس من يطمح الى انشاء مثل هذا الكيان في جمهوريات البلطيق التي لا توجد فيها سوى نسبة ضئيلة جداً من المسلمين. إلا أن هاجس محاربة "الأصولية" يبدو مسيطراً على القيادات الروسية، اذ أعلن امس وزير الدفاع المارشال ايغور سيرغييف ان "المتطرفين الاسلاميين" يحاولون اعادة رسم خارطة آسيا الوسطى. وأضاف ان كل نشاطاتهم تحول من مركز واحد يقوده "مجلس اسلامي" انشأه اسامة بن لادن وزعيم حركة "طالبان" الملا عمر و"متطرف ديني من بلد عربي". وذكر الوزير ان هذا المجلس خصص في السنة الجارية 600 - 700 مليون دولار لدعم "المتطرفين" الذين قال انهم يهدفون الى اقامة "دولة الخلافة" في وادي فرغانة في اوزبكستان. ولم يتخلف عن رئيس الدولة ممثله في جنوبروسيا الجنرال فيكتور كازانتسيف الذي قال ان مقاتلين شيشانيين بينهم قادة ميدانيون قد يتوجهون الى الأراضي الفلسطينية "حيث ظهرت أموال كثيرة وحينما يكون المال يظهر المجرمون". وتزامنت هذه الدعوات الصريحة لمكافحة "الأصولية الاسلامية" مع نداءات اسرائيلية اختصرها بنيامين نتانياهو بتأكيده على ان روسيا واسرائيل تقفان في خندق واحد ضد "عدو مشترك". ولكي لا يدع مجالاً للشك قال ان هذا العدو هو "التطرف ... الغريب علينا حضارياً، وعلينا التضامن في ما بيننا لمكافحته". وأثنى زعيم "الصقور" على "السياسة الصائبة" التي اتبعتها روسيا في محاربة "حالات مماثلة" ملمحاً الى الشيشان. والغريب ان وزير الخارجية الروسي ايغور ايفانوف لم يرد على هذه التصريحات بل تحدث عن ضرورة "وقف العنف" من دون تحديد مصدره. واكد مصدر مطلع ل"الحياة" ان لقاء ايفانوف ونتانياهو جرى على مرحلتين الأولى في اطار موسع والثانية في خلوة ضمت الاثنين لمدة 30 دقيقة. وعلى رغم ان زيارة نتانياهو تتم بدعوة من "مجلس السياسة الخارجية والدفاعية" وهو منظمة غير حكومية لكنها واسعة النفوذ، فإن اجندة رئيس الوزراء السابق ضمت مقابلتين في الكرملين واخرى في هيئة الاركان العامة مع النائب الأول لرئيسها الجنرال فاليري مانيلوف. وظهر نتانياهو على كل قنوات التلفزيون وأفردت احداها له 25 دقيقة ليبشر بأفكاره ويدعو روسيا الى الكف عن تزويد العرب بالسلاح لأن ياسر عرفات، كما قال، لم يعد "يكتفي بفلسطين ... بل يريد حيفا وتل ابيب ... يريد سلاماً لا وجود فيه لاسرائيل". وبهذه الروحية يجري "تثقيف" المواطن الروسي على امتداد 24 ساعة على كل القنوات. وهذا ما دفع السفراء العرب الى عقد اجتماع طارئ امس في مقر السفارة الفلسطينية للقيام بتحرك سريع. وفي ساعة انعقاد الاجتماع وقف امام السفارة سبعة يهود رفعوا شعار "الاسلام = التطرف" وبدا ذلك بمثابة محصلة لحملة "التوعية" التي يقوم بها المسؤولون الروس ويشارك فيها نتانياهو.