قطع الرئيس الروسي بوريس يلتسن اجازته وعاد الى موسكو بصورة مفاجئة للبحث في الأزمة القوقازية مع أقطاب حكومته. واكد وزير الدفاع ايغور سيرغييف ان الرئيس كلف القوات المسلحة "تحرير غروزني وكل الأراضي الشيشانية"، فيما أصدر الرئيس الشيشاني اصلان مسخادوف مرسوماً بملاحقة "المتعاونين" مع موسكو. شهدت موسكو تحركات سياسية اثارت لغطاً حول تغييرات وقرارات مهمة. وبدأ ذلك بالاعلان عن ان الرئيس بوريس يلتسن سيستقبل في مصيف سوتشي على البحر الأسود رئيس الحكومة فلاديمير بوتين الذي عاد من اوسلو حيث التقى الرئيس الاميركي بيل كلينتون. وفي اللحظة الأخيرة ذكر ناطق باسم الكرملين ان لقاء يلتسن وبوتين تأجل ليوم واحد، ثم أعلن لاحقاً ان رئيس الدولة قرر الانتقال الى مكتبه الرسمي لعقد سلسلة "لقاءات مهمة". وذكر مصدر مقرب من البرلمان ل"الحياة" ان هناك "لغطاً كبيراً" في شأن احتمال إقالة بوتين من منصبه، الا أنه اضاف ان الأرجح ان تتخذ أثناء وجود الرئيس في موسكو "قرارات مصيرية" تتعلق بتطور الأوضاع في القوقاز. ويمكن الاستدلال على طبيعة هذه القرارات من تصريحات المارشال سيرغييف الذي قال ان القوات المسلحة "تخطط لتحرير غروزني وكل الأراضي الشيشانية من الارهابيين". وشدد على ان هذه المهمة "وضعها أمامنا رئيس الدولة". وما ان تناقلت وكالات الانباء تصريح الوزير واعتبرته "عاجلاً"، حتى أصدر سيرغييف تصريحاً ثانياً اكد فيه انه لا ينوي "اقتحام" العاصمة الشيشانية بل يريد محاصرتها فقط. الا انه شدد على ان القيادات الميدانية "تعرف انه لن يصدر قرار بوقف تحركها". ومعروف ان تحرك يلتسن اقتصر منذ بدء الحرب على اعلان "تأييد" الخطوات التي يتخذها رئيس الحكومة رغم ان رئيس الدولة هو القائد الأعلى للقوات المسلحة. وأشار مراقبون الى ان تصريح وزير الدفاع هو محاولة ل"قطع الطريق" على جهود يبذلها ساسة داخل روسيا ودول اجنبية للضغط على موسكو ودفعها نحو وقف القتال والشروع في مفاوضات مع غروزني. وأكد سيرغييف ان قواته تمكنت من تطويق غوديرسيس ثاني أكبر المدن الشيشانية، وذكر انه سيتم احتلالها "في موعد أقصاه غداً اليوم الخميس"، فيما قال قائد قوات القوقاز الجنرال فيكتور كازانتسيف ان غروزني "محاصرة وهي تبدو أمامنا كما على راحة اليد". وأبلغ خبير عسكري روسي "الحياة" ان اقتحام العاصمة الشيشانية قد يتم في غضون اسبوعين. وأوضح ان يلتسن يريد "اغلاق الملف" قبل توجهه الى اسطنبول في 18 الشهر الجاري للمشاركة في قمة منظمة الأمن والتعاون الأوروبية. وتوقعت وكالة أنباء "ايتار تاس" الرسمية "حملة اعلامية مكثفة" تتزامن مع القمة. وذكرت ان "مراسلين مأجورين" يعدون تحقيقات مصورة عن مآسي الشعب الشيشاني وتوقعت نشر "صور أطفال مشوهين". ورغم الرقابة غير المعلنة على وسائل الاعلام الروسية فإن عدداً من قنوات التلفزيون اخذ يقدم الوجه "المظلم" للأوضاع. وبثت شركة "ان.تي.في" صوراً لأمرأة روسية الأصل ماتت بعدما علقت بأسلاك شائكة وضعت لمنع عبور نازحين من الأراضي الشيشانية. وكانت المرأة وقفت في العراء سبعة أيام في انتظار دورها لتجاوز المعبر. واكد رئيس جمهوية انغوشيتيا رسلان أوشيف انه سيطلب فتح تحقيق لمعرفة المذنب في مصرع المرأة والمسؤولين عن "الإهانات" التي يتعرض لها النازحون. وطرح أوشيف للمرة الأولى اشكالية قانونية خطيرة حينما طالب امس بكشف المراسيم التي تخول وزارة الدفاع نقل قوات الى جمهورية تابعة لروسيا الاتحادية من دون اعلان حال الحرب أو الطوارئ. وفي غروزني، أصدر الرئيس مسخادوف مرسوماً يقضي ب"كشف المتعاونين" مع السلطات الفيديرالية سواء كانوا داخل الأراضي الشيشانية أو خارجها و"إصدار احكام بحقهم وتنفيذها". واعتبر هذا التصريح تصعيداً لموقف الرئيس الشيشاني الذي بدا يائساً من احتمال التوصل الى حل وسط يكفل استئناف الحوار مع موسكو. وتزامن اعلان مرسوم الرئيس الشيشاني مع تصريحات لرئيس "حكومة المنفى" التي شكلتها موسكو مالك سعيد اللايف الذي هدد بالاستقالة، مشيراً الى انه لا يستطيع "التأثير في الأوضاع" والتخفيف من مشاكل اللاجئين، واكد ان المسؤولين في موسكو "لا يثقون بأي شيشاني".