تعرضت غروزني ومدينتا اوروس مارتان وارغون لأعنف قصف روسي منذ بداية الحرب الشيشانية الثانية، وأعلنت القيادة العسكرية بدء "المرحلة الثالثة" الحاسمة من "عملية مكافحة الارهاب". وأعلن رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف في باريس ان المقاتلين الشيشانيين على صلة مباشرة بما يجري في الشيشان. وأكد ان غروزني لا تتلقى دعماً رسمياً إسلامياً أو عربياً. وأكد رئيس الوزراء الروسي حرص الجيش على سلامة المدنيين في الشيشان وسعي موسكو إلى "الاجهاز على وكر الارهاب الدولي"، فيما تبحث القيادة الشيشانية عن مسببي سقوط مدن وقرى مهمة في أيدي الروس. ودعا الرئيس أصلان مسخادوف الجيش الروسي إلى الاستسلام. وتواصل القصف الجوي والمدفعي والصاروخي على مدن غروزني وأوروس مارتان وارغون، وعلى المواقع الشيشانية على خطوط التماس الممتدة من حدود انغونيتا إلى التلال المطلة على داغستان. وقال مومادي سعدايف الناطق باسم القوات الشيشانية إن القصف كان الأعنف منذ بدء الزحف الروسي وتسبب في حرائق كبيرة في غروزني واوروس مارتان، وان هنالك مئات من القتلى والجرحى. وعلى صعيد آخر، أعلن الجنرال فاليري مانيلوف النائب الأول لرئيس هيئة الأركان العامة الروسية أمس الخميس ان المرحلة الثانية ل"عملية مكافحة الارهاب" انجزت، وبدأت المرحلة الثالثة التي تهدف إلى "القضاء على العصابات الارهابية في قواعدها في مناطق جبلية في الشيشان واحياء هيئات السلطة والمرافق العامة". وأضاف ان خلق الظروف لعودة النازحين إلى ديارهم بدأت، وان الشق الأساسي للمرحلة الثالثة سيتم انجازه قبل نهاية العام الجاري. وتابع ان عدد القتلى من المقاتلين الشيشانيين منذ بدء المعارك شمال القوقاز يصل إلى ستة آلاف، فيما خسرت القوات الروسية 305 جنود و863 جريحاً. وفي لفتة "إنسانية" أعلن مانيلوف ان الرئيس بوريس يلتسن كلف الحكومة إعداد مشروع قانون للعفو يشمل المقاتلين الذين لم يرتكبوا جرائم خطيرة. ومن جهته، أكد رئيس الوزراء فلاديمير بوتين ان قيادة القوات الفيديرالية تحرص على ان لا يتعرض المدنيون في الشيشان للقصف. وقال المفوض العسكري للشيشان عيسى مونايف لوكالة "انترفاكس" الروسية إن مسخادوف عقد اجتماعات مع "قادة الجبهات" للنظر في الموقف ونقل عنه قوله إن "الجيش الروسي سيغوص في الحرب الشيشانية"، وتابع مونايف ان أجهزة الأمن الشيشانية تلاحق المسؤولين عن وقوع غوديرميس ومدن أخرى في أيدي القوات الروسية، وان مسخادوف دعا الضباط الجنود الروس في الشيشان إلى الاستسلام مقابل السلامة الشخصية. وعلى صعيد آخر، قالت مصادر في وزارة الخارجية الروسية إن الرئيس الحالي لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية كنوت فوليبيك سيلتقي في موسكو الاثنين المقبل وزير الخارجية ايغور ايفانوف لسبب برنامج جولته في شمال القوقاز. وقال مستشار سفارة النروج في موسكو اوي لينديمان ان فوليبيك "لن يسعى إلى مقابلة مسخادوف، بل سيكتفي باجراء اتصالات في انغوشيا وشمال الشيشان الواقعة تحت سيطرة القوات الروسية، وان زيارته تحمل طابعاً انسانياً في الأساس. بريماكوف من جهته، قال بريماكوف في كلمة ألقاها أمام "المعهد الوطني الفرنسي للعلاقات الدولية" ايفري أمس، إن هناك تدخلاً واضحاً جداً من معظم الأطراف الأسلامية في النزاع الدائر في الشيشان. وأكدّ من جهة أخرى أنه لم يتّخذ بعد قراره بالترشّح إلى انتخابات الرئاسة في روسيا وسيقرّر ذلك في كانون الثانييناير المقبل. وأوضح أن هذا لا يعني ان هناك حكومات متورّطة في هذا النزاع ولكن هناك تدخّلاً أجنبياً على المستوى الايديولوجي، يترافق مع دعم عسكري. وذكر أن لندن شهدت عملية جمع تبرعات لتسليح المتمردين الشيشان وأن ابن لادن الموجود في افغانستان على صلة مباشرة بالأحداث التي تجري في المنطقة. وشدّد على أن روسيا عازمة على صيانة وحدة أراضيها، وقال: "هناك ألف قتيل سقطوا على الأراضي الروسية من جراء الانفجارات. والمتمردين الشيشان اعترفوا بأنهم هاجموا داغستان، فنحن في حاجة إلى تصفية هؤلاء الإرهابيين على أراضينا، وإلا فإن وحدة الأراضي الروسية ستكون عرضة للتهديد الدائم". وعبّر عن اعتقاده أن التدخّل الحازم في الشيشان لضرب مراكز قوة الارهاب يشكّل عنصرا لا مفّر منه بالنسبة الى روسيا التي تشهد إجماعاً على ضرورة وضع حدّ لتصرفات الإرهابيين الشيشان. وفي الوقت الحالي ليس هناك أي طرف يمكن التفاوض معه في الشيشان لأن مسخادوف لا يسيطر على شيء، والتدخّل العسكري الدائر هناك ضروري جداً. وعمّا ستكون عليه روسيا في القرن الحادي والعشرين، قال بريماكوف: "تواجه روسيا اليوم أحداثاً شديدة الأهمية، وحالة استقطاب للقوى السياسية. سأبدأ بالقول إنه من غير الممكن العودة الى النظام الاقتصادي الموجّه. وهذا لا يعني ان القوى المؤيّدة لمثل هذه الصورة غير موجودة ولكنها عديمة الأهمية".