توحد الخطاب السياسي والشعبي والديني وحتى الاقتصادي في دعم انتفاضة الأقصى وتوفير كل المستلزمات الأساسية والضرورية بتمكين الشعب الفلسطيني الأعزل من مواجهة الاعتداءات التي يشنها الجنود الإسرائيليون وقطعان المستوطنين ضد المدن والقرى الفلسطينية. وكان اللافت في التحرك الإماراتي في هذا الاتجاه قيادة الحكومة في أكثر من موقع لقيادة العمل الجماعي الإماراتي في دعم انتفاضة الشعب الفلسطيني على مختلف الصعد. وجاء التحرك وعلى أعلى المستويات من جانب رئيس دولة الإمارات الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي أعلن وبشكل سريع تأييده المطلق لعقد قمة عربية في 21 تشرين الأول أكتوبر الجاري. وتوقع الشيخ زايد من هذه القمة تأكيد التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني الذي يواجه آلة الحرب الإسرائيلية مقدماً مواكب الشهداء، ومطالبة القادة العرب بإعادة النظر في سياسة التطبيع مع اسرائيل، وان يعيدوا تقييم عملية السلام برمتها حتى تأخذ مسارها الصحيح القائم على العدل والانصاف والتوازن وفق قرارات الشرعية الدولية. وطالب الشيخ زايد القادة العرب اليوم وأكثر من أي وقت مضى بالوقوف وقفة واحدة من أجل استعادة عزة الأمة والمحافظة على كرامتها وضمان مستقبل آمن لأجيالها. وذهب رئيس دولة الإمارات الى أبعد من اعلان تأييده لعقد القمة العربية، ورؤيته للقرارات التي يتوقع ان تصدر عنها وانما تحرك باتجاه توفير الدعم المادي اللازم للشعب الفلسطيني، فأعلن بهدا الصدد عن تبرعه بمبلغ 30 مليون درهم لصالح أسر شهداء انتفاضة الأقصى ودعم الشعب الفلسطيني. والى هذا التحرك من جانب الشيخ زايد تحركت مختلف القطاعات السياسية والشعبية في هذا الاتجاه فقرر مجلس الوزراء استقطاع راتب يوم واحد من موظفي الحكومة الاتحادية الذين يزيد عددهم عن 70 ألفاً لصالح دعم انتفاضة الشعب الفلسطيني، واتخذت الحكومات المحلية في دولة الإمارات قرارات مماثلة. وتنفذ جمعية الهلال الأحمر الإماراتية حملة اغاثة عاجلة للضحايا والمتضررين داخل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة لمساعدة الشعب الفلسطيني الذي يتعرض لأبشع الانتهاكات وعمليات القتل والتنكيل، وقامت على عجل برصد مبالغ مالية لتوفير الاحتياجات المستعجلة للمتضررين وفتح حساب خاص في بنوك الإمارات لتلقي الدعم النقدي لصالح الشعب الفلسطيني وانتفاضته العارمة، وأرسلت الجمعية أولى طائرات الإغاثة الى مطار العريش بعد أن أغلقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مطار غزة. وبلغ التحرك الإماراتي ذروته لتوفير الدعم المادي بتنفيذ تلفزيون أبو ظبي الجمعة 13/10 حملة تبرعات بالتنسيق مع محطات تلفزة عربية أخرى وعلى الهواء مباشرة في اطار التضامن مع الشعب الفلسطيني. وبدأت عمليات التبرع بإعلان الفريق أول الشيخ محمد بن راشد المكتوم ولي عهد دبي وزير الدفاع الاماراتي بتكاليف تشييد مدرسة حديثة باسم الشهيد محمد الدرة في موقع استشهاد الطفل الذي سقط برصاص الغدر الإسرائيلي. وفي هذا الإطار أعلن رجل أعمال اماراتي عن تبرعه بمليون درهم دعماً للشعب الفلسطيني وتكفل خمس أسر من أسر شهداء الانتفاضة بواقع خمسة آلاف دولار سنوياً للأسرة الواحدة. فيما تبرعت سيدة اماراتية أيضاً بمبلغ مليون و100 ألف درهم لصالح أطفال الحجارة ولأسرة الشهيد محمد الدرة تعبيراً عن تضامنها ومساندتها للقضية الفلسطينية. ويتجلى الدعم الاماراتي المباشر في ارسال طائرة اماراتية الى عمان نقلت 46 من الجرحى والمصابين بانتفاضة الأقصى وتوفير الرعاية الصحية الكاملة لهم في مستشفيات الإمارات. ولم يتوقف التحرك الحكومي الاماراتي عند المستويين المحلي والعربي، وانما تعداهما الى الصعيد الدولي. فقد دعت حكومة الإمارات اثر اجتماع عقدته في أبو ظبي الأسرة الدولية الى التدخل العاجل لوقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني. وقام الشيخ حمدان بن زايد وزير الدولة للشؤون الخارجية بإجراء اتصالات مباشرة مع الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والأمين العام للأمم المتحدة بهدف دفع المجتمع الدولي وخصوصاً راعيي عملية السلام وأوروبا للتدخل السريع لوقف المجازر التي يرتكبها جنود الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني. وطالبت دولة الإمارات في بيان قدمته لمجلس الأمن الدولي بتشكيل لجنة تحقيق دولية محايدة وعاجلة تتولى مهمة تحديد القائمين من الإسرائيليين على عمليات المجازر المرتكبة ضد أبناء الشعب الفلسطيني، ودعت راعيي عملية السلام والدول الفاعلة الأخرى بما في ذلك مجلس الأمن لتحمل المسؤولية القانونية والسياسية والتاريخية التي من شأنها وضع حد لمسلسل القمع والقتل المتواصل الذي تقوم به القوات الإسرائيلية في كل الأراضي الفلسطينيةالمحتلة بما فيها مدينة القدس الشريف، وتوفير الحماية الكافية لأبناء الشعب الفلسطيني وأماكنه المقدسة من سياسات الاعتداءات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل التي تتعارض مع الأعراف والقوانين الإنسانية الدولية بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 المعنية بحماية المدنيين وقت الحرب. وفي ضوء هذا التحرك الرسمي للحكومة كان التحرك الشعبي لا يقل أهمية حيث طافت المسيرات الشعبية مختلف مدن الإمارات وعاصمتها أبو ظبي، واتسمت هذه التظاهرات بحسن التنظيم على رغم الانفعال الشعبي والجماهيري الذي سادها تعبيراً عن غضبة المشاركين ومجتمع الامارات ككل الذي يضم الى جانب مواطني الامارات جاليات عربية واسلامية كان لها حضورها البارز في هذه المسيرات. وانطلقت المسيرات في مدينة الشارقة بخروج أكثر من 10 آلاف شخص من مواطنين وفلسطينيين وجاليات عربية واسلامية مقيمة في الامارات للمطالبة بوقف المجازر الصهيونية بحق أبناء شعب فلسطين، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمها الانسحاب الى خطوط الرابع من حزيران يونيو 1967 واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف وعودة اللاجئين الى ديارهم. وتكرر مشهد هذه المسيرات في أبو ظبي عاصمة الامارات لأكثر من مرة خلال أيام الانتفاضة وكذلك في مدينة العين الإماراتية والمدن الأخرى. ويتأكد دور الحكومة القيادي والمحرك لكافة القطاعات الأخرى في دعوة مجلس الوزراء وزارة العدل والشؤون الإسلامية لإقامة صلاة الغائب في كل مساجد الإمارات على أرواح شهداء انتفاضة الأقصى وقرار وزير التربية بإقامة مهرجان السبت في جميع مدارس الإمارات لدعم هذه الانتفاضة المباركة.