أُنجزت الخطوة الرسمية في تعيين هانز بليكس رئيساً للجنة المراقبة والتحقق والتفتيش في العراق "انموفيك"، باعلان الأمين العام كوفي أنان انه تلقى رسالة من رئيس مجلس الأمن تضمنت المصادقة على ترشيح السويدي "ويسرني ان اعلن الدكتور بليكس رئيساً للجنة". ولاحظت الأوساط الدولية ان ردود الفعل العراقية خلت من الرفض لشخص بليكس علماً بأن المواقف العراقية من القرار 1284 حرصت على التمييز بين رفض التعامل مع القرار في تصريحات اعلامية وبين تسجيل هذا الرفض في رسائل رسمية. وأشارت الديبلوماسية الفرنسية والروسية الى هذا التمييز وأهميته في اطار املها بأن تتطور علاقة عملية ومهنية وغير استفزازية مع العراق، ما يؤدي الى تعاونه في مرحلة لاحقة مع القرار 1284 ومع "انموفيك" ورئيسها. ولاحظت الاوساط الدولية انه على رغم ما وصفته ب"المناوشات المحدودة بين العراق والأمين العام ومجلس الأمن، لا تزال الفرصة واسعة لجعل القرار 1284 مدخلاً الى علاقة طيبة تطبّع العلاقة بين العراق ومجلس الأمن وتوفر اجواء استقرار في المنطقة". كما لاحظت ان ردود الفعل من واشنطن ايضاً، وليس من بغداد فقط، "حذرة" مشيرة الى تصريحات الناطق باسم الخارجية الاميركية، جيمس روبن، اول من امس، التي ركّزت على الضرر الذي يلحقه العراق بنفسه اذا ما رفض التعاون مع "انموفيك" من دون ان يهدد بلهجة "العواقب" التي تحدث بها السفير الاميركي لدى الأممالمتحدة ريتشارد هولبروك مطلع الأسبوع. وراهنت الديبلوماسية الفرنسية والبريطانية والروسية على رسائل حسن النية من الطرفين العراقي والاميركي، وصولاً الى التنفيذ الدقيق للقرار 1284 الذي وضع شروط "تعليق" العقوبات المفروضة على العراق، بما فيها شروط التعاون مع "انموفيك" بهيئتها الجديدة. وأشارت المصادر الى إمكان اطلاق "نمط علاقة" جديدة اذا لمس الطرفان الاميركي والعراقي جدّية حسن النيات لدى الطرف الآخر، واعتبرت ان القرار 1284 يوفر الفرص العملية لذلك. وكان وكيل وزير الخارجية العراقي السفير نزار حمدون صرح بأن "المسألة اعمق من مجرد تسمية بليكس رئيساً" للجنة الجديدة وانها تصب في خانة "افتقاد الثقة بين العراق ومجلس الأمن". ولا يلحظ القرار 1284 قفزاً الى اجراءات سريعة وانما يعتمد برنامجاً زمنياً يجعل في الإمكان تجنب التصادم مع الاعتبارات الانتخابية للرئاسة الأميركية في شهر تشرين الثاني نوفمبر المقبل. لكن الاستعداد للخطوات المقبلة بدأ في اعقاب اعلان تعيين بليكس رئيساً ل"انموفيك". ولن يتسلم بليكس مهماته رسمياً إلا في مطلع آذار مارس، لكن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، ستبدأ قريباً مشاورات في شأن "الهيكل التنظيمي" للجنة "انموفيك". وحسب القرار، يعد الهيكل التنظيمي للجنة خلال 45 يوماً من تسلم الرئيس مهماته، بالتشاور بين ثلاثة أطراف هي رئيس اللجنة والأمين العام ومجلس الأمن. ويتضمن وضع الهيكل التنظيمي تفاصيل مهمة بينها تحديد سلطة اتخاذ القرار، وعدد فرق العمل، وعدد الخبراء وتوزيع جنسياتهم، ومن سيعين نائباً للرئيس، وهل ستحتفظ "انموفيك" بخبراء وشخصيات عملت في لجنة "اونسكوم"، وغيرها. وفي موسكو، نفى الأمين العام للامم المتحدة كوفا انان ان تكون بغداد رفضت ترشيح هانز بليكس لرئاسة "انموفيك". وقال ان بليكس سيلتقي ممثلين عن القيادة العراقية. واجرى انان في موسكو امس محادثات مع الرئيس الروسي بالوكالة فلاديمير بوتين ووكيل وزارة الخارجية سيرغي اورجنيكيدزه، أعلن بعدها ان قرار تعيين بليكس صدر إثر "سلسلة مشاورات"، مشيراً الى ان ما ذُكر عن رفض بغداد الترشيح "ليس صحيحاً". وتابع انان ان اللجنة الجديدة للتحقيق والمراقبة والتفتيش في العراق ستباشر أعمالها بعد اسابيع وان بليكس "سيلتقي مباشرة ممثلين عن القيادة العراقية". وذكر اورجنيكيدزه ان موسكو "ليست لديها معلومات عن ان العراق رفض ترشيح بليكس". واضاف ان بلاده ايدت الترشيح باعتبار بليكس خبيراً في شؤون نزع السلاح، له هيبة واسعة في الأوساط الدولية. ولم تتسرب معلومات عن لقاء غير مألوف عقده انان مع مدير جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية فياتشيسلاف تروبنيكوف. وقالت الناطقة باسم الجهاز تاتيانا ساموليس ان اللقاء كان "خاصاً". وأكد مصدر مطلع ل"الحياة" ان روسيا تملك معلومات ارادت اطلاع الاممالمتحدة عليها، وتتعلق ب"تنفيذ قرارات مجلس الأمن" الخاصة بفرض المقاطعة على عدد من الدول.