الاعمال الارهابية قد تصبح جزءاً من الحياة السياسية في روسيا، ولم يستبعد محافظ موسكو يوري لوجكوف ان يكون للانفجار الذي هز العاصمة "أهداف انتخابية"، فيما ربط وزير الداخلية فلاديمير روشايلو بين الانفجار وأحداث داغستان حيث استمرت معارك طاحنة وألحقت خسائر كبيرة بالقوات الروسية. انفجرت عبوة ناسفة موقوته زنتها 200 غرام من مادة التروتيل الشديدة الانفجار في مجمع "سانيج" التجاري الذي يبعد 50 متراً فقط عن الكرملين. وهزّ الانفجار مركز الألعاب الآلية في الطابق الأرضي حيث توجد مطاعم ومقاه كان يرتادها 500 شخص، اصيب 41 منهم بجروح بينهم 29 نقلوا الى المستشفيات. وذكر الأطباء ان تسعة مصابين في حال خطرة. ويعد المجمع الذي يشغل مساحة 70 ألف متر مربع تحت الأرض، واحداً من مفاخر محافظ العاصمة يوري لوجكوف الذي هرع فوراً الى موقع الحادث مع كبار المسؤولين. وطوقت قوات الأمن والشرطة مركز العاصمة. وبدأت الاجهزة المختصة تحقيقاً في الحادث الذي صنف "عملاً ارهابياً". الكتاب الثوريين! وذكرت هيئة وزارة الأمن الفيديرالية ان المحققين يدرسون احتمالات عدة، بينها ان تكون وراء الحادث "مجموعات متطرفة". واكدت ان منشوراً وجد قرب مكان الانفجار وقع باسم "اتحاد الكتاب الثوريين" الذي أعلن مسؤوليته عن الحادث واعتبره بداية ل"حرب أنصار لخلق وضع ثوري ... ضد المجتمع الاستهلاكي". وأشار مراقبون الى ان "الاتحاد" لم يسمع به أحد من قبل. ولكن أجهزة الأمن ذكرت انه قد يكون على صلة ببيانات يصدرها على شبكة الانترنت شخص يوقع باسم دميتري مينتون ويدعو الى "قتل اليهود". وأثارت هذه الافتراضات ارتياباً لدى المعارضة التي تشك في ان يكون الحادث مدبراً من السلطة لأغراض سياسية، بينها تحميل اليساريين والقوميين المسؤولية عن "الارهاب". ولفت أحد الخبراء الذين تحدثت اليهم "الحياة" الى ان الرئيس بوريس يلتسن كان أعلن قبل يوم من الحادث عن دمج مصلحتين متخصصتين في الارهاب وحماية الدستور في كيان واحد تابع لوزارة الأمن. وألمح الى ان هذا يمكن ان يوحي ب"ترابط" أعمال العنف والمعارضة السياسية. وأشار رئيس لجنة الأمن البرلمانية فيكتور ايليوخين الى ان "هذا ليس الانفجار الأخير" وتوقع مزيداً من العمليات الارهابية التي "سيعقبها رد من رئيس الدولة" يتمثل في اعلان حال الطوارئ وإلغاء الانتخابات. وفي الوقت نفسه، أكد يوري لوجكوف انه لا يستبعد ان يكون هدف العملية "تقويض سمعته" كمحافظ للعاصمة عشية الانتخابات البرلمانية التي يخوضها متحالفاً مع رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف ضمن كتلة "الوطن كل روسيا" التي يخشى الكرملين سيطرتها على مجلس الدوما، ما يجعل بريماكوف مرشحاً قوياً للرئاسة. صدى القوقاز وطرح وزير الداخلية الروسي افتراضاً آخر، مؤكداً ان "ثمة مبررات" للحديث عن "ترابط" بين الانفجار والأحداث الأخيرة في داغستان. ولكنه طلب "عدم استباق الاحداث". وفي السياق ذاته، اكد رئيس الوزراء السابق سيرغي ستيباشين انه لا يستبعد عمليات مماثلة في مدن اخرى، وذكر ان اجراءات أمنية كانت اتخذت إبان الحرب الشيشانية وينبغي ان تطبق الآن. الا ان نائب رئيس الوزراء الشيشاني كازبك ماخاشيف اعتبر مثل هذه التصريحات "تخريباً ايديولوجياً". وذكر ان أصابع الاتهام توجه فوراً الى غروزني بعد كل جريمة ترتكب في روسيا. واعتبر ذلك دليلاً على عجز اجهزة الأمن، وشدد على ان الشيشانيين "رفضوا الارهاب في أحلك أوقات الحرب". ولاحظت "الحياة" ان دوريات الشرطة التي تجوب شوارع موسكو "تنتقي" ذوي البشرة السمراء وتحاصرهم باسئلة عن هوياتهم وان كان لهم حق الإقامة في العاصمة، وذلك ضمن حملة تبدو مدروسة للتضييق على القوقازيين في موسكو وفي القوقاز. وجرت امس معارك في شوارع بلدة كراماخي الداغستانية التي تحاول القوات الفيديرالية اقتحامها بعدما أغارت عليها الطائرات وقصفت بالمدفعية، بحجة مطاردة مسلحين شاركوا في عمليات في غرب داغستان. واعترفت موسكو بأن المدافعين عن البلدة كبدوا القوات الروسية خسائر كبيرة. وذكرت أنهم دمروا ثماني مدرعات، لكن وزارة الداخلية اشارت الى انها لم تفقد سوى قتيلين و29 جريحاً.