أكد الرئيس الروسي بوريس يلتسن، إثر وقوع ثاني أسوأ انفجار في موسكو، أن "الارهاب أعلن الحرب علينا". وكلف المسؤولين تشديد الحراسة على المشتآت النووية والنفطية والمواقع الحساسة. ونفى القائد الشيشاني شامل باساييف أن يكون أنصاره وراء أعمال التخريب من هذا النوع، فيما استمر القتال بين مقاتليه والقوات الروسية التي أعلنت إحكام سيطرتها على بلدتين في داغستان. انهارت في الساعة الخامسة من صباح أمس الاثنين عمارة من ثماني طبقات جنوب العاصمة موسكو، نتيجة انفجار عبوة ناسفة. وقام رجال الانقاذ بانتشار 35 جثة، ويتوقع ان يرتفع عدد الضحايا بعد ازالة الانقاض. واضطر المسؤولون إلى اخلاء عمارتين قريبتين بعدما تردد أنهما ملغمتان، وعثر رجال الأمن هناك على كمية من مادة الهيكسوجين الشديدة الانفجار التي استخدمت في التفجير الأخير، كما استخدمت في انفجار عمارة أخرى في جنوب شرقي موسكو قبل خمسة أيام. وبلغ عدد ضحايا الحادث الأول حتى الآن 95 شخصاً. وانتقل يلتسن فور إعلان النبأ إلى مكتبه في الكرملين، واجتمع إلى كبار المسؤولين وأعلن عن تشكيل "هيئة أركان" برئاسة وزير الداخلية فلاديمير روشايلو. وأكد ان اجراءات أمنية مشددة ستتخذ في كل المدن الكبرى لضمان سلامة المنشآت النووية والمواقع الاستراتيجية ومستودعات النفط ومصافيه وأنابيب نقله، إضافة إلى المطارات ومحطات القطار وأماكن تجمع المواطنين. وفي خطاب إلى الشعب، قال الرئيس الروسي ان "الارهاب أعلن الحرب علينا"، ودعا إلى توحيد المجتمع والحفاظ على "الهدوء واليقظة". ولكنه شدد على أن من أهداف الارهابيين "بث الهلع" والدفع في اتجاه اعلان حال الطوارئ. ووعد ب"الرد على التحدي بسرعة وحزم". وفي إشارة غير مباشرة إلى حملة الاعتقالات الجارية ضد الشيشانيين وأبناء القوقاز عموماً، حذر يلتسن من "إثارة الشبهات على أساس قومي أو ديني". ونظراً إلى خطورة الحادث، قطع رئيس الوزراء فلاديمير بوتين زيارته إلى نيوزيلندا حيث حضر لقاء قمة المنتدى الاقتصادي في آسيا والمحيط الهادئ، وعاد إلى موسكو حيث أكد وجود ترابط بين التفجيرات وأحداث القوقاز. وهدد ب"الرد على الوحوش". ومن دون أن يذكر الجمهورية الشيشانية تحديداً، أكد رئيس الوزراء ان روسيا تتعرض إلى عدوان و"من حقها استخدام كل الوسائل للرد". إلا أن باساييف عقد في غروزني مؤتمراً صحافياً نفى فيه ان يكون هو شخصياً أو القائد الميداني العربي الأصل خطاب وراء التفجيرات الأخيرة. وذكر ان "المجاهدين يرفضون مثل هذه الاساليب". واعتبر ان ما يجري في موسكو هو "تصفية حسابات" بين الساسة الروس أنفسهم. وعلى رغم انتقال باساييف إلى غروزني موقتاً، فإن أنصاره ما زالوا يقاتلون القوات الروسية في داغستان. وأكدت وزارة الداخلية الروسية أنها تمكنت من السيطرة على بلدتي كاراماخي وتشابان ماضي في وسط داغستان بعد مقاومة استمرت اسبوعين. إلا أن الوزارة رجحت ان يكون هناك "مقاتلون داخل الأقبية". وجرت معارك ضارية في منطقة نوفولاك القريبة من الحدود الشيشانية، فيما أكدت غروزني ان طائرات روسية قصفت عدداً من المواقع في الجمهورية. ودعا الرئيس أصلان مسخادوف إلى "الدفاع عن الوطن" لمواجهة "عدوان أصبح خطره واقعياً"، إلا انه في الوقت ذاته انتقد للمرة الأولى مشاركة شيشانيين في أحداث داغستان، وقال إنهم "خانوا مصالح الوطن". ومن جهة أخرى، أشار عدد من الساسة إلى احتمال استغلال أحداث القوقاز والانفجارات لإعلان حال الطوارئ في روسيا. وشدد محافظ موسكو يوري لوجكوف على ان مثل هذا السيناريو "مرفوض تماماً". ويتوقع ان يعقد اليوم الثلثاء اجتماع طارئ للبرلمان دعي إليه يلتسن وبوتين لمناقشة الوضع المتأزم في جميع أنحاء روسيا. وأشار رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف الذي يقود حالياً كتلة "الوطن كل روسيا" المناوئة للكرملين، إلى ان السلطة "لم تتخذ الاستعدادات المطلوبة" لمواجهة ما وصفه ب"حرب التخريب والارهاب". وفي اتهام خطير إلى أجهزة الشرطة والأمن، دعا بريماكوف إلى "تطهير قياداتها من العناصر المرتبطة بالاجرام".