لم يتسن لموسكو ان تدفن 95 مواطناً لقوا مصرعهم في انفجار هز العاصمة الروسية ليل الأربعاء الماضي. ففي يوم الحداد الذي كان مقرراً ان يجري امس على ضحايا الانفجار السابق، دوّى في المدينة انفجار آخر أودى حتى الآن بأرواح زهاء 40 شخصاً، في حصيلة غير نهائية. وقبل الحادثين بأيام كانت عبوة ناسفة انفجرت على بعد 50 متراً من الكرملين. وتتهم السلطة صراحة شيشانيين يحاربون في داغستان بأنهم وراء "الاعمال الارهابية" الأخيرة. وعزز موقف الكرملين اعلان القائد الميداني "ابن خطاب" ان "الشعب الروسي كله، وليس الجندي الروسي وحده، سيحاسب". واعتبر الرئيس بوريس يلتسن ان الارهابيين "أعلنوا الحرب على روسيا"، علماً ان القائد الشيشاني شامل باساييف نفى ان يكون انصاره يلجأون الى مثل هذه الاساليب. راجع ص7 وإذا كانت الانفجارات هدمت بيوتاً وروعت مدنيين فإنها في الوقت ذاته قد تغدو ورقة في اللعبة السياسية داخل روسيا. فالكرملين قد يحمل خصمه العنيد محافظ العاصمة يوري لوجكوف مسؤولية الإهمال، وينزع عنه هالة "الرجل القوي" المسيطر على الأوضاع في المدينة والمهيأ لقيادة روسيا لاحقاً. وقد تستغل الانفجارات، الى جانب الأحداث المستمرة في القوقاز، ذريعة لإعلان حال الطوارئ ما يعني ارجاء الانتخابات البرلمانية وتمديد الولاية ليلتسن تلقائياً. هذا ما دفع عدداً من الساسة الى الحديث عن ان الاعمال الارهابية قد تغدو "الضارة النافعة" بالنسبة الى الكرملين. ومن المؤكد قطعاً ان حال التسيب والانهيار في روسيا تهيئ تربة صالحة للعنف والاعمال الارهابية. وأشار رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف الى ضرورة "تطهير أجهزة الأمن من عناصر معادية للشعب".