كرر الرئيس الروسي بوريس يلتسن "هوايته المفضلة" وهي اقالة رؤساء الحكومات، في لعبة خلط اوراق تضمن له التفرد بالنجومية عالمياً والاستئثار بمقاليد السلطة. وفي خطاب لم يفاجىء كثيراً المراقبين في روسيا، اقدم الرئيس امس على ابدال رئيس الوزراء سيرغي ستيباشين برجل الاستخبارات فلاديمير بوتين، وكرس الأخير خليفة له في الانتخابات الرئاسية السنة الفين. راجع ص8 واجمع المراقبون في موسكو على ان خطوة يلتسن الاخيرة لن تلقى معارضة من البرلمان الذي سيوافق على تعيين بوتين رئيسا للوزراء، نظرا الى ان الانتخابات الاشتراعية لم تعد بعيدة ومن المقرر ان تجرى في 19 كانون الاول ديسمبر المقبل حسبما أكد يلتسن في الخطاب نفسه. وتبارى المحللون في تفسير خطوة يلتسن فتحدث بعضهم عن "غيرة" الرئيس من ستيباشين الذي صعد نجمه خلال زيارته الناجحة اخيرا لواشنطن حيث اشاد به البيت الابيض فيما نجح في اقناع صندوق النقد الدولي باستئناف تقديم القروض الى بلاده، فضلاً عن نجاحه داخلياً في الحفاظ على استقرار سعر الروبل. وفي الوقت نفسه، سرّب الكرملين الى تفسيرات مفادها ان رئيس الوزراء المقال، فشل في احتواء الوضع المتوتر في داغستان. وقوبل ذلك باتهام من الشيوعيين للأوساط الرئاسية بالوقوف وراء انفجار الوضع هناك، مشيرين الى اجتماع سري عقد اخيرا بين مدير الديوان الرئاسي الكسندر فولوشين والقائد الشيشاني شامل باسايف. لكن التفسير الأبرز لخطوة الرئيس جاء في الصحف الروسية التي تحدثت عن فشل ستيباشين في "تفتيت" تحالف مناهض ليلتسن يقوده رئيس بلدية موسكو يوري لوجكوف، ويضم عدداً كبيراً من رؤساء المقاطعات ويتوقع ان ينضم اليه رئيس الوزراء السابق يفغيني بريماكوف. وتخوفت مصادر المعارضة الروسية من أن يكون تعيين رجل استخبارات مثل بوتين على رأس الحكومة، هدفه اعلان حال طوارىء وتعطيل الاستحقاقات الدستورية او فتح ملفات امنية وفضائحية لخصوم الرئيس على ابواب الانتخابات الاشتراعية. اما ترشيح بوتين خليفة ليلتسن فهدفه، حسب المصادر نفسها، ضمان عدم فتح ملفات فساد تستهدف المحيطين بالرئيس بعد تنحي الاخير مطلع السنة المقبلة. واكد بوتين انه سيتجاوب مع اقتراح يلتسن ويرشح نفسه للرئاسة. ومعلوم ان بوتين تقلب في مناصب عدة منذ تخرج من جهاز الاستخبارات ال "كي جي بي" حتى تولى منصب سكرتير مجلس الامن القومي، ما جعله من اصحاب القرار في الكرملين الى جانب ابنة الرئيس تاتيانا ومدير الديوان الرئاسي.