بعد انتظار فلسطيني طويل، رفع رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب إيهود باراك سماعة الهاتف وللمرة الأولى منذ انتخابه تحدث مطولاً الى الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، ليؤكد له عزمه على مواصلة العملية السلمية "على خطى" سلفه اسحق رابين، وذلك قبل مضي 24 ساعة على لقاء الرئيسين الاميركي بيل كلينتون والمصري حسني مبارك في البيت الأبيض ليل أول من أمس. وأثارت تلميحات الرئيس الأميركي الى تأييده للمرة الأولى حق العودة للاجئين الفلسطينيين استياء باراك الذي طالب الناطق باسمه كلينتون بتقديم "توضيح"، مشدداً على أن اسرائيل "لا تستطيع القبول بحق العودة للفلسطينيين" راجع ص 5. ولم تستبعد مصادر اسرائيلية الترتيب لقمة ثلاثية أو خماسية في واشنطن مطلع الشهر المقبل، تضم كلينتون وعرفات وباراك ومبارك والعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، لتبديد مخاوف الفلسطينيين من رئيس الوزراء الاسرائيلي الجديد. وأعلن الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي بي جي كراولي ان تصريحات كلينتون عن اللاجئين الفلسطينيين لم تكن "زلة لسان"، مشيراً الى ان كلامه خلال المؤتمر الصحافي مع الرئيس حسني مبارك ليل الخميس "كان بوضوح في اطار مسألة متروك حلها لمفاوضات المرحلة النهائية، ويجب ان تحل من الجانبين كجزء من مفاوضات الوضع النهائي". وزاد كراولي ان "كل ما قاله الرئيس الاميركي يرتكز الي هيكلية الاتفاق النهائي". وأكد ان الادارة الاميركية "تتفهم طموحات شعوب المنطقة ولهذا السبب شدد الرئيسان مبارك وكلينتون على اهمية العمل مع الحكومة الاسرائيلية على كل مسارات عملية السلام لتحقيق ما نعتقد انه مهم، وهو سلام شامل في الشرق الأوسط". واعتبر ان كلام كلينتون "كان تصريحاً دقيقاً حذراً يتضمن توضيحات تعكس انه يتفهم طموحات شعوب المنطقة، وهو أشار ايضاً الى ان المسألة يجب ان تحل كجزء من مفاوضات الوضع النهائي". وقال نبيل أبو ردينة مستشار الرئيس الفلسطيني ان عرفات وباراك "اتفقا على عقد لقاء قريب" بعد إعلان الأخير تشكيل حكومته الاسبوع المقبل، فيما رفضت مصادر في مكتب باراك تحديد موعد اللقاء الذي سيعتمد قبل توجه الأخير الى واشنطن للقاء كلينتون نهاية الشهر الجاري. وأكدت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة" أن الاتصال الهاتفي الذي أجراه باراك جاء ل"تهدئة" عرفات الذي تلقى مؤشرات أثارت قلقه من نية رئيس الحكومة الاسرائيلية الجديدة القفز على اتفاق "واي ريفر" والدفع باتجاه الدخول مباشرة في مفاوضات الوضع النهائي، والتركيز على المسار السوري على حساب المسار الفلسطيني. وأعربت مصادر فلسطينية عن ارتياحها الى الرسالة "الواضحة" التي وردت على لسان كلينتون ليل أول من أمس في المؤتمر الصحافي المشترك مع الرئيس المصري، والتي أكد فيها أنه يتوقع من باراك تنفيذ اتفاق "واي" في ضوء الدعم الائتلافي الواسع لحكومته. وفي حين رفض باراك التعليق على أقوال كلينتون في شأن قضية اللاجئين، سارع الناطق باسمه ديفيد زيسو الى مطالبة الرئيس الأميركي بتقديم "توضيح" لما سماه "سوء الفهم". وكان كلينتون أعرب عن رغبته في أن "يكون الشعب الفلسطيني حراً وأن يشعر الفلسطينيون ان لهم أن يسكنوا حيثما أرادوا"، وذلك في رد على سؤال عن مدى استعداده لمساعدة اللاجئين الفلسطينيين في العودة الى ديارهم كما فعل في كوسوفو. وقال زيسو ان "إسرائيل لا تستطيع القبول بحق العودة للفلسطينيين في إسرائيل". وأضاف أنه يتوقع من الادارة الاميركية تقديم توضيح بهذا الصدد. ويبدو أن باراك يحاول "تهدئة" الوضع مع كلينتون الذي يعد له استقبالاً ضخماً في البيت الابيض نهاية الشهر، في محاولة لإقناع الوسيط الاميركي بتأمين تغطية له لتحقيق تقدم على المسار السوري في مقابل التباطؤ في المحادثات مع الفلسطينيين خلال الفترة المتبقية من ولاية كلينتون. وأعربت مصادر إسرائيلية عن اقتناعها بأن "المعركة الصغيرة" التي أثارتها تصريحات الرئيس الأميركي في شأن حق العودة للاجئين "لن تقود الى ممارسة ضغوط أميركية على الدولة العبرية" بهذا الشأن. الى ذلك أوضح الناطق باسم باراك ان رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب اتفق وعرفات خلال الاتصال الهاتفي على أن "مكافحة الارهاب شرط لازم وضمانة لنجاح مفاوضاتهما"، وأضاف ان "باراك أوضح انه سيبذل جهود سلام موازية للتوصل الى اتفاقات مع سورية ولبنان". ووصل الى باريس أمس آتياً من واشنطن الرئيس مبارك وسيجتمع صباح اليوم مع رئيس الوزراء الفرنسي ليونيل جوسبان ثم يلتقي الرئيس جاك شيراك. وقال وزير الخارجية المصري السيد عمرو موسى عقب اجتماعه مع نظيره الفرنسي هوبير فيدرين أمس ان تنفيذ اتفاق "واي ريفر" يعتبر رئيسياً في "اعادة بناء الثقة وتوجيه رسالة الى كل أطراف عملية السلام على كل المسارات، فحواها ان الحكومة الاسرائيلية الجديدة تحترم التعهدات الرسمية".