على حد علم الذين سألتهم من الشعراء والنقاد العرب لم يتطرق الشعر العربي بديوانه الضخم إلى كنه المعاناة. هناك قصائد لاتحصى تحدثت عن المعاناة مجسدة بالفراق أو الحب أو الفقر أو الظلم، إلى غير ذلك مما يعانيه البشر. ولكن لم يكتب شاعر عربي قصيدة عن المعاناة في شكل مجرد. الأمير الشاعر خالد الفيصل طرق هذا الباب، وتساءل عن المعاناة نفسها، ودخل مع الليل في حوار جميل حولها: "يا ليل خبرني عن أمر المعاناة هي من صميم الذات والا أجنبية هي هاجس يسهر عيوني ولابات أو خفقة تجمح بقلبي عصية أو صرخة تمردت فوق الأصوات أو ونة وسط الضماير خفية أو عبرة تعلقت بين نظرات أو الدموع اللي تسابق همية". كلما سمعت هذه القصيدة تساءلت كيف خطر موضوعها على صاحبها. ما الذي جعل الشاعر خالد الفيصل يترك كل مواضيع المعاناة التي مر عليها الشعراء قبله، ويتساءل عن كنه المعاناة؟ هل لأنه أمير وابن ملك وشاعر وفنان تشكيلي، ومسؤول عن منطقة مهمة ليست لديه معاناة مثل الآخرين، أم أن هذه مواصفات شاعر وإنسان بلغ حد المعاناة ولم يعد يرضيه إلا هي نفسها بحروفها ومعانيها المتعددة، فحاول أن يمسك بها ويستقصي عنها لعله يكشف سر انشغال جميع الشعراء بها، فخاطبها مجردة من كل التفاصيل البسيطة؟ في الأسبوع الماضي دعاني الأمير خالد لزيارة مدينة أبها ومشاهدة الإنجازات التي تحققت في مجال البنية الأساسية للسياحة. كان عهدي بمنطقة عسير ومدينة أبها قبل خمس سنوات، لكنني شعرت بأنني في منطقة لا أعرفها. تغيرت عسير تماماً، وأصبحت لاتختلف في مرافقها وخدماتها عن أي منطقة سياحية راقية في أي بلد من بلاد العالم التي تحترف السياحة. لكنني بعد الرحلة اكتشفت موضوعاً آخر لمعاناة خالد الفيصل. وللحديث صلة.