انتهت وزارة الاقتصاد المصرية من إعداد مشروع قانون للرهن العقاري يقضي بإدخال تعديلات جوهرية على قانون البنوك والائتمان الرقم 163 لسنة 1957، وأحالته الى مجلس الوزراء لمناقشته وإبداء الرأي فيه، تمهيداً لإقراره من الأجهزة الاشتراعية المختصة. والمشروع هو الرابع من نوعه، إذ سبق لاتحاد البنوك والبنك العقاري العربي، ووكيل لجنة الإسكان في مجلس الشعب البرلمان طلعت مصطفى إنجاز ثلاثة مشاريع قوانين متتالية بين 1996 و1998، إلا أنه لم تتم مناقشة أي منها لأسباب مختلفة أبرزها معارضة الحكومة ومجلس الشعب مثل هذه المشاريع، خصوصاً عقب وقوع أزمة جنوب شرقي آسيا، ما اعتبره البعض من أن التوسع في إنشاء العقارات الفارهة والمساكن الإدارية من الأسباب الرئيسية للأزمة. كما عارض البعض المشروع لأسباب اجتماعية بحجة أنه يتيح للمصارف المقرضة سحب الوحدة السكنية من المقترض في حال عجزه عن السداد. واللافت أن مشروع الحكومة جاء ليعالج بعض الانتقادات التي وجهت الى قوانين سابقة، وهو ينص على أنه لا يجوز أن تزيد القروض الموجهة من المصرف الى التمويل العقاري على 30 في المئة من القاعدة الرأسمالية للمصرف رأس المال والاحتياطات، كما يقررها مجلس ادارة المصرف المركزي. وتريد الحكومة من ذلك وضع ضوابط تحد من التوسع في هذا النوع من القروض، التي تؤدي الى مخاطر عدة في حال حدوث أية اضطرابات في سوق العقارات أو في هذا النوع من الاستثمار. ومراعاة للبعد الاجتماعي ألزمت الحكومة في مشروعها المصارف تطبيق عدد من القواعد أهمها أن يتيح المصرف فرصة للمدين للوفاء بالمبالغ المستحقة عليه من الدين المضمون بالرهن بعد ميعاد استحقاقها بمدة لا تقل عن شهرين، وإمهاله للوفاء بهذه المبالغ مدة لا تقل عن شهر، وإذا تخلف المدين عن الوفاء طبقاً لأحكام البند السابق يتعين على المصرف إنذاره بعزمه عرض العقار المرهون للبيع. ولا يجوز للمصرف الشروع في إجراءات عرض العقار للبيع إلا بعد مضي شهر على تاريخ الإنذار. ويحظر على المصرف الاشتراك في مزاد بيع العقار، وتوقف إجراءات البيع إذا تم الوفاء قبل بدء جلسة المزاد بجميع المبالغ، إضافة الى رد ما تم إنفاقه من مصروفات، كما توقف هذه الاجراءات إذا قَبِلَ المصرف تحديد تواريخ جديدة للوفاء بتلك المبالغ. ويحظر المشروع على المشتري التصرف في العقار أو ترتيب أي حق عيني عليه أو تأجيره للغير أو استخدامه لغير أغراض سكنه الخاص أو سكن أي من أقاربه حتى الدرجة الثانية طوال فترة القرض. كما يحظر على المصرف المطالبة بتعجيل الوفاء بالدين إلا في حال توقف المشتري عن الوفاء بأي قسط أو ملحقاته، ويلتزم المشتري إخلاء العقار من شاغليه في حال تخلفه عن الوفاء بحقوق المصرف وتسليمه إليه خالياً لعرضه للبيع بالمزاد. وطبقاً لما أكده رئيس مجلس ادارة اتحاد بنوك مصر السيد محمود عبدالعزيز ل"الحياة"، فان "إقرار هذا القانون يعني ضخ ما يزيد على ستة بلايين جنيه سنوياً من المصارف للاستثمار العقاري في صورة تسهيلات ائتمانية وقروض". وذكر المهندس طلعت مصطفى أن مشروع القانون الجديد يتفق مع القوانين المعمول بها داخل الأسواق العالمية، خصوصاً في الولاياتالمتحدة وأوروبا ودول جنوب شرقي آسيا. وقال إن 85 في المئة من سكان سنغافورة، على سبيل المثال، تملكوا مساكنهم من خلال قانون الرهن العقاري، وأن مصر من الدول القليلة في العالم التي لم تصدر هذا القانون. وطبقاً لما أكده رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان السيد عبدالله طايل فإن الهدف الأساسي من المشروع إنعاش سوق العقارات من خلال إضافة ثلاث مواد إلى قانون المصارف والائتمان المصري تجيز حق المصرف في تملك العقار المرهون في حال تعثر المدين عن الوفاء بدينه أو تأخره عن سداد الاقساط، وأنه في حال منح قرض لتمويل بيع عقار يحق للمصرف أيضاً تملك هذا العقار في حال التأخر في السداد والاكتفاء بالتأشير في الشهر العقاري من دون التزام المصرف سداد أي رسوم. وقال إن هذا التعديل يهدف الى توفير الضمانات وسرعة التنفيذ تشجيعاً للمصارف على الإقراض العقاري. إلا أنه مع أهمية هذه التعديلات في دفع وتشجيع التمويل العقاري، لاپبد - كما يؤكد طايل - من أن تكون هناك حدود في التشريع والتنفيذ لهذا النوع من التمويل، خصوصاً حساسية الجهاز المصرفي لهذا النوع من التمويل ومدى ما ينطوي عليه من آثار إيجابية وسلبية، اضافة الى ان التوسع في الإقراض العقاري يُعد أحد الاسباب الرئيسية لأزمة النمور الآسيوية.