ينتمي الفنان المغربي رشيد الجبلي الى جيل متميز في عالم الفن الفوتوغرافي في المغرب. وهو ارتبط بهذا الفن منذ كان طالباً في احدى الجامعات الفرنسية ، حيث تلقى أسس التصوير الفوتوغرافي النظري والتطبيقي. وعلى خلاف المسار الذي اتخده محترفو هذا النشاط في المغرب، لجأ رشيد الجبلي الى توظيف هذا الفن في مجالات علمية وبيئية. وشكلت المحافظات الصحراوية جنوب المغرب موضوعا خصبا للوحاته. ويهيء المصور معرضاً سوف يضمّ خلاصة ترحله في المناطق الصحراوية قرابة عشرين عاماً. يقول الفنان رشيد: "عملياً لا يمكن حصر الفن الفوتوغرافي في معناه الضيق، فلهذا الفن اسسه ومقاييسه المعرفية وخطوط تماس لا يمكن تجاوزها بحكم اخلاقيات المهنة، ما دفعني الى البحث عن موضوع مميز، فاستقر رأيي على جنوب البلاد نظراًِ الى ما يميز المناطق الصحراوية المغربية من تنوع طبيعي غير مألوف لدى محترفي الفن الفوتوغرافي في المغرب الذين راهنوا على الجانب السياحي والتجاري في هذه المناطق". وحول ما اذا كان الفضاء الصحراوي مجالاً شاسعاً من الصعب رصد تحولاته من خلال الة التصوير او عبر جولات محدودة، يقول رشيد الجبلي: "ان جولاتي المكوكية بين الصحراء المغربية لا تتم بشكل اعتباطي، وانما وفق اطار خرائطي وبيانات طوبوغرافية بغية رصد ما يمكن ملامسته من تحول، كما هو الشأن مع تموجات الكثبان الرملية وانعكاساتها على الكائنات البيولوجية من نباتات وحشرات وغيرها ، وعملية الرصد لا تأتي الا من خلال ضبط المجال والموقع ومراعاة الظروف المناخية، وهي عوامل استخدمها للدراسة واسجلها بواسطة الة التصوير". وانطلاقاً من معرفة الفنان المغربي الدقيقة بهذا الفضاء الناتجة عن متابعة ميدانية مستمرة له، يقول: "ادركت ان الفضاء الصحراوي مهدد في عدد من اشكاله الحيوية، حيث فقدت الرمال نسبياً مكوناتها العضوية، وكذلك انعكاس التصحر واثره الملموس على النشاط الاجتماعي، اضافة الى انقراض الواحات بسبب زحف الرمال، ومرور القوافل ضمن نقاط اعتادت عليها". لكن تغير المحيط الصحراوي لم يؤثر في ارادة الفنان المغربي ورغبته المستمرة والملحة في استكشاف هذه البيئة وعرضها على من يجهلها. ويرى ان عنصر الاثارة لا يزال متوفراً في المناطق الصحراوية ولكن بمعناه العلمي وليس السياحي. وقد يكون انجذاب الفنان رشيد الجبلي الى عوالم الصحراء وخوفه من تدخل الانسان السلبي عليها نابعين اختصاصه الاصلي فهو حاصل على شهادة الدكتوراه في السكن والبناء، ويأمل في دراسة معمقة مرفقة بتسجيل مصور لمختلف التحولات البيولوجية والطبيعية والمناخية التي يتعرض لها المجال الصحراوي المغربي، "وأنا في صدد اعداد معرض متميز لمختلف الصور الفوتوغرافية التي التقطتها منذ ما يزيد عن عقدين من مناطق مختلفة في الصحراء المغربية، وهي صور تحمل بين طياتها ابعادا علمية ومعرفية ربما اغفلتها بعض الدراسات البيئية والانتروبولوجية في السابق".