"اللقطة الجميلة ضالّة المصوّر أنَى وجدها فهو أحق الناس بها" .. وطننا الحبيب زاخر بالمناطق الرائعة التي تستحق التصوير؛ علمها من علمها وجهلها من جهلها؛ ودور المصورين مهم في توجيه أضوائهم لتلك المناطق لخدمة التصوير والسياحة والوطن.. هنا نستكمل ما بداناه مع فنانينا: (التصوير هو إحدى طرق التعبير عن الوطنية).. بهذه الكلمات بدا ضيفنا الفنان عبد الله آل شجاع من، رجال ألمع، في وصف عسير: عسير ملتقى ثقافات تاريخية عريقة مما أمدّها بمخزون غزير من الموروثات الثقافية والاجتماعية والعمرانية، ويعتقد الكثيرون أنها منطقة جبلية فقط وهذا غير صحيح، فعسير فيها الجبال والسهول والشواطئ الجميلة على البحر الأحمر مما يتيح للمصور بيئة أرحب للإبداع، فمثلا في المنطقة الجبلية تعانق الغيوم الجبال خاصة في مواسم الأمطار وأثناء شروق وغروب الشمس، وهي فرصة رائعة لاقتناص اللحظات المميزة، إضافة إلى تنوع المباني الحجرية والطينية وأعشاش القش في المنطقة الساحلية، وكذلك اختلاف الأزياء والألعاب الشعبية من جزء لآخر، وأما عشاق الطبيعة والطيور فلكل مبتغاه لتنوع المناخ بين الجبال والسهول والسواحل. وعن دور المهرجانات يقول: المهرجانات أسهمت في خدمة منطقة عسير إعلاميا، وهي بمثابة فرصة لكل المصورين سواء من أبناء المنطقة أو المناطق الأخرى أو حتى المصورين الأجانب؛ وفن التصوير لم ينتشر في عسير إلا خلال السنوات القليلة الماضية لأسباب كثيرة منها عدم وجود المؤسسات الأكاديمية المتخصصة في تدريس هذا الفن الراقي بالشكل المطلوب. وعن أرشيفه الضوئي يقول: أميل إلى تصوير الطبيعة أكثر وان كنت أعتقد أن كل ما هو متاح هو فرصتي لأقتنصها، ولأنني لا أسافر كثيرا أعمد إلى التركيز على وطني في أعمالي، وأعتقد أن هذا الفن هو إحدى طرق التعبير عن الوطنية، وأدعو المصورين لزيارة عسير خصوصا وأنها تستحق اهتماما مضاعفا. ويأخذنا الفنان خالد الحربي إلى الرياض ويقول: منطقة نجد ذات بيئة صحراوية حيث الأفق الرحب والممتد بوديانه ورماله ووهاده المترامية على مد البصر، وقد تركت هذه البيئة الجغرافية أثرها على أعمالي وعلى نظرتي الفنية؛ وإذا كان الشاعر العربي القديم تأثرت مفرداته بالبيئة الصحراوية وغازلتها شعراً فإن المصور تتأثر عدسته بها ويغازلها ضوءًا، وتنعكس الصحراء ببساطتها وسحرها ووضوحها وحتى قسوتها على أعماله. ويضيف الحربي ويقول: تختلف اهتمامات المصورين باختلاف عناصر البيئة الواحدة وبتعدد أذواقهم ورغباتهم في التعاطي مع موضوع دون آخر، وقد انصب اهتمامي من هذه الناحية على مناظر الصحراء كبيئة جغرافية يتميز بها وطننا الغالي، وأعمالي التي تتطرق للبيئة المحلية هي الأكثر في أرشيفي كونها تمثل وطني لشعوري بالفعل بجمالها وتفردها عن سائر البلدان الأخرى. وعن إقبال المصورين على اكتشاف مناطق جديدة للتصوير يقول: مناطق المملكة معروفة وتعد كتابا مفتوحا للفوتوغرافيين والمهتمين، والمسألة لا تتعلق باكتشافهم لها أو جهلهم بها، بل بالرغبة والميل للتعاطي فنياً مع بيئة دون أخرى. أما الفنان عبدالسلام التويجري من الرياض فيعبر عن معاناة الكثيرين قائلا: خلو المشهد التراثي في مدينة الرياض بتفاصيله وانفعالاته اليومية كان دافعاً كبيرًا لنزوح المصور إلى خارج المدينة للبحث عن لقطة تحكي في طياتها معاني وقصصاً، كما أن عدم ارتياح أفراد المجتمع لتواجد الكاميرا بينهم واستشعارها كمصدر تهديد كان سببا في حرص المصور على عدم خوض تجارب قد ينشب بسببها ردة فعل غير منشودة؛ وأدعو الزملاء لإنشاء استوديوهات داخلية خاصة يمارسون فيها فنونهم دون ضغوط اجتماعية أو ردود فعل أمنيه مشددة. ويضيف التويجري: لا أرى كثيرا من المواضيع في الرياض يستحق التصوير الجمالي فيما قد يجد المصور التوثيقي ما يهمه من مشاهد إن نجح في التقطاها كما سيحصل على صور صادقة تحكي الحياة اليومية، ولا شك أن للمهرجانات والمعارض دوراً كبيراً في توعية أطياف المجتمع في إبراز بعض ملامح المنطقة من خلال موروثها الثقافي الشعبي وإبراز هواية التصوير، وتتيح للمصور إطلاق عدسته بحرّية وبلا وصاية. ويختم حديثه قائلا: داخل وطننا مشاهد تأسر قلوب الكثير من شعوب العالم خصوصا المناطق الصحراوية والحياة البرية من صقور وخيول وجمال وهذا ما حرصت على إبرازه في أعمالي بشكل فني حقيقي. ويبحر بنا الأستاذ الفنان عبدالرحمن الحسني في جدة ويقول: جدة ذات بيئة تتفرد بها عن جميع مناطق المملكة، ولها مذاقها الخاص، فهي عروس البحر الأحمر حيث الأمواج الدافئة والنزهات البحرية وقوارب الصيد وتراث الصيادين في بحرة وأبحر والكورنيش الذي يحتوي على أكبر متحف تحت الشمس في المعالم الفنية العملاقة وميادينها التي تحمل طابع جدة المميز، فضلا عن المنطقة التاريخية حيث البيوت التراثية القديمة والمباني التاريخية بالحجر المنقدي والرواشين الفنية، وقد آلمني كثيرا الحريق الذي التهم الكثير من تلك المباني، وآمل حرص الجهات المسؤولة على المحافظة على ما تبقى من ذلك التاريخ . وعن غزارة المخزون الفوتوغرافي لمصوري جدة يقول: ما من مصور في جدة إلا وله أرشيف خاص عن جدة القديمة (البلد) يجسد تفاصيل الحياة فيها من أفراح ومناسبات ومهرجانات ومعالم جدة المتنوعة التي تعبر عن هويتها الخاصة ولكن كلها بجهود فردية، وكم أتمنى جمع تلك الأعمال تحت مظلة واحدة وإقامة معرض خاص عن جدة بكل جوانبها في محيط يجمع كل المصورين برعاية خاصة من قبل أحد رجال الأعمال أو المؤسسات الوطنية الاجتماعية، كما أتمنى وجود دور أكبر للإعلام لإبراز دور فن التصوير الحضاري والثقافي والوثائقي الذي يعبر عن ثقافة وهوية شعب؛ فكما أن برج إيفل يرمز إلى باريس نحن لدينا في المملكة الكثير من الرموز التي يجب تسليط الضوء عليها والعناية بها أكثر. ويختم حديثه قائلا: أنا متفائل بالمستقبل في ظل تطور مكانة التصوير وتحسن النظرة تجاه المصور بفضل الله ثم بجهود الهيئة العليا للسياحة. أما الفنان خالد الصائغ من القصيم (بريدة) فيكمل المنظومة بقوله: تواجد القصيم في قلب المملكة يجعلها محاطة بكثبان رملية من جميع الجهات، وبالرغم من كونها بيئة صحراوية إلا أن أرضها زراعية خصبة، فالنخيل يعد أحد معالم المنطقة وكذلك المحاصيل الزراعية التي تميزها. ويضيف قائلا: بيئتي جعلتني اتسم بالصبر لانتظار تغير الأجواء والفصول حتى ينتشر جمال الخضرة على الرمال الذهبية، مما يتيح لي التلاعب بخطوط الرمال لخلق تكوينات بديعة للحصول على صورة جميلة وكذلك انتظار تجمع مياه الأمطار التي تضفي عليها نبض الحياة في تناغم فريد . ويصف المشهد الفوتوغرافي في منطقة القصيم بالمتنوع ويقول: نهجت أنا وأصحابي المصورين التنوع في المدارس والموضوعات فنستمتع بالتنقل بين تصوير الحياة البرية واختيار أماكن مدروسة في الطبيعة من حولنا، وبين توثيق نبض الشارع وتفاصيل الحياة اليومية، وإبراز الإبداع المعماري من خلال التلاعب في الزوايا والتكوين والتوقيت، وتوثيق المعالم التاريخية والحضارية والدراسات الجغرافية لذوي الاختصاص، وحفظ الموروثات العبقة لإهدائها للأجيال القادمة, وكذلك التصوير الداخلي في الاستديو وما يصاحبه من نضج الأفكار واحترافية الإضاءة. وعن المهرجانات في القصيم يقول: تعد الكاميرا احد أهم زوار مهرجانات الربيع أو مهرجانات الصيف التي تشهدها القصيم كل عام، وهذه المهرجانات توقظ إحساس الإبداع داخل المصور الفنان، حيث يجد بيئة جاهزة للتصوير أتت بكل جمالها ليوثقها بعدسته، وبعض الزوار يتكبدون عناء قطع المسافة من مختلف المناطق المملكة للخروج بحصيلة فنية ذات هوية خاصة، وأتمنى أن يصاحب هذه المحافل تجمع أكبر للمصورين لتبادل الخبرة ونقل الفائدة. ويصف الصايغ مستوى التصوير بالقصيم قائلا: المنطقة زاخرة بالمصورين والمصورات باختلاف اهتماماتهم الفوتوغرافية، وقد استطاعوا الوقوف على مصاف التميز داخليا وخارجيا، لأنهم أصبحوا يرون المنطقة بمنظور خاص ورؤية مختلفة تجمع بين وهج الحداثة وشموخ الماضي. وعن تأثير البيئة على فنه يقول: يجذبني عبق الماضي أينما حللت والبحث عن المعالم التي حافظت على وجودها مع مرور السنين، وأيضا لملامح الأشخاص الإنسانية وقع في داخلي فأسعى لحفظ تلك النظرات للأبد؛ كذلك أعشق الوحدة تحت أضواء الاستديو لمداعبة بعض الأفكار التي تجول في خاطري. ويختم حديثه بقوله: أعكف حاليا على توثيق ما يمكن توثيقه في الجانب التراثي وقطع المسافات لزيارة بعض المناطق لتوثيقها، ومن تلك الأماكن التي تستحق التصوير في القصيم: القرية القديمة في عيون الجواء، والقرية القديمة في رياض الخبراء، ومجلس المذنب، وسوق المسوكف في عنيزة. ويأخذنا عطا الله العمراني إلى الشمال حيث صحراء تبوك قائلا: الطبيعة الصحراوية في منطقة تبوك جميلة جدا وتجمع بين الجبال الوردية الشاهقة والكثبان الذهبية والنباتات الصحراوية في تجانس فريد لترسم لوحة تبوك المليئة بمفردات الحياة العربية البدوية والموروثات الشعبية التي تفتح للفنان آفاقا رحبة للتصوير، وقد شارك أبناء منطقة تبوك في معارض كثيرة محلية وعالمية تحمل روح الصحراء كان آخرها (معرض ملامح سعودية) في جاكرتا، حيث أسعدني إقبال الجمهور عليها، وكنت بفضل الله ممن حصلوا على مراكز وجوائز بأعمال تحمل تفاصيل الحياة العربية البدوية ويضيف العمراني: تبوك كنز ثمين يحتاج للكشف والبحث والتنقيب عن نفائسه والاستمتاع بطبيعته؛ ومصوري تبوك يبذلون الجهد في إظهار طبيعة المنطقة بجوانبها المختلفة من واحات وطبيعة خضراء وصحراء وبحر ولكن لازالت تحتاج إلى مزيد من الاهتمام وتسليط الضوء على جمالياتها، وهنا أدعو الفنانين لزيارة المنطقة سيما وأنها بيئة خصبة للتصوير وتساهم في إلهام الفنان بلقطات ذات أبعاد فنية وإنسانية وعاطفية. وعن دور الإعلام يقول: المهرجانات والمؤسسات الأدبية والفنية أسهمت بشكل فاعل في إبراز منطقة تبوك ولكن هناك تقصيراً من قبل الإعلام؛ فمهما قدم المصور أعمالاً قوية فلن يعلم بها أحد إذا كان الإعلام غائبا؛ مما يؤكد أن العملية تكاملية بين عدة جهات، ومن ناحية أخرى مازلنا نفتقد للتخصصية في معارضنا؛ فمعظمها تضم أكثر من محور، وأتمنى إقامة معارض بمحور واحد خاص كالصحراء أو البحر أو مدينة من مدن المملكة. ويختم حديثه قائلا: نحن نقدر أن الثقافة البصرية ما زالت في بداياتها في المجتمع السعودي، ولكن مع الإقبال المتزايد على فن التصوير حتما سيتقبل المجتمع وسيشجع هذا الفن الجميل. - عبدالله آل شجاع- غروب عسير - خالد الصايغ- شربة ماء - عبدالرحمن الحسني - أبحر جدة - عبدالسلام التويجري- تحليق