موسكو - رويترز - أفلت الرئيس الروسي بوريس يلتسن من شبح التهديد بعزله، إلا أن انتصاره لا يعني ان الأزمات السياسية والاقتصادية في روسيا، أوشكت على الانتهاء. وفشل مجلس الدوما، الذي تسيطر عليه المعارضة اول من امس، في جمع عدد كاف من الاصوات لبدء اجراءات عزل يلتسن، ما قلص من خطر حدوث ازمة دستورية او مواجهة عنيفة بين الجانبين. إلا أن الفشل لم ينه سوى معركة واحدة في الحرب بين الرئيس المعتل الذي يصعب التكهن بتصرفاته ومعارضيه الذين يقودهم الشيوعيون. كما ابقى السلطة في أيدي الرجل الذي يعتبره عدد كبير من السياسيين المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في روسيا. غير ان معركة اخرى تلوح في الافق عندما يناقش مجلس الدوما الاربعاء المقبل ترشيح يلتسن لسيرغي ستيباشين رئيساً للوزراء خلفاً ليفغيني بريماكوف الذي يحظى بمساندة الدوما والذي عزله بشكل مفاجئ في 12 الشهر الجاري. ويواجه ستيباشين معركة صعبة وقد يضطر يلتسن الى حل الدوما والدعوة الى اجراء انتخابات، اذا رفض المجلس ثلاث مرات العمل باقتراحه. ويعني ذلك ان عوامل نشوب مواجهة صعبة قائمة، ما يؤدي الى تعطل الحياة السياسية والاقتصادية. وقال المحلل السياسي اندريه كورتونوف: "اعتقد ان العقبات التي ستواجهه ليست بهذه الصعوبة". وتابع: "انها مسالة صعبة الا ان الكثير يعتمد على قرارات يلتسن الشخصية. لقد هادن في العام الماضي. لكني اعتقد أنه سيتخذ موقفاً متشدداً هذه المرة". وأشار كورتونوف الى المواجهة بين يلتسن والدوما في ايلول سبتمبر الماضي عندما كان الرئيس يسعى الى نيل موافقة الدوما على اعادة تكليف فيكتور تشيرنوميردين تشكيل الحكومة. ورفض الدوما ترشيح تشيرنوميردين مرتين وتراجع يلتسن عن المواجهة ورشح بريماكوف الأكثر محافظة والذي لقي قبولا من جانب المعارضة. الا ان يلتسن ليس لديه بديل هذه المرة لستيباشين المحافظ الذي اتخذ موقفاً متشدداً ضد الجريمة عندما كان وزيراً للداخلية. ويتوقف الكثير على مزاج الشيوعيين بعد فشلهم في عزل يلتسن. ويقول بعض المحللين ان الفشل سيضعف معنوياتهم ورغبتهم في خوض معركة. غير ان الهزيمة الأخيرة، قد يكون لها اثر عكسي وتزيد من عزمهم على مواجهة يلتسن لانقاذ كبريائهم قبل الانتخابات البرلمانية في كانون الاول ديسمبر المقبل. وسبيلهم لذلك رفض تعيين ستيباشين واجبار يلتسن على حل الدوما واجراء انتخابات مبكرة. وكتبت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" ان "الانتخابات المبكرة ستؤدي الى تفاقم الوضع وإلى هبوط جديد للروبل وتعليق العلاقات مع صندوق النقد الدولي". وعرض الصندوق قروضاً جديدة على روسيا شرط موافقة الدوما على سلسلة من قوانين الاصلاح الاقتصادي، الا ان الاتفاق اصبح في مهب الريح الآن. واذا حل البرلمان فإن الشكوك ستحيط بشأن أي تقدم تجاه تحقيق اصلاحات اقتصادية. ويواجه الشيوعيون معضلة، ففي حال رفضهم ستيباشين فإن يلتسن قد يعاقبهم ببممارسة حقه في حل الدوما وتعيين اقتصادي ليبرالي مثل وزير الاقتصاد السابق اناتولي تشوبايس رئيساً للوزراء وهو احتمال يبغضوه. ورأت مجموعة "يونايتد فاينانشيال غروب" المالية ان "ثمة احتمال كبير ان يوافق الدوما على رئيس الوزراء الجديد وقدرت نسبته بنحو 80 في المئة، اما احتمال حل الدوما فنسبته 20 في المئة". غير ان عدداً كبيراً من السياسيين والمحللين يقولون ان حال عدم الاستقرار ستستمر طالما ظل يلتسن 68 عاماً في الحكم، إذ ان قرارته وتصرفاته تثير الحيرة دائما كما ان شعبيته منعدمة فيما تتزايد عزلته.